مدارسنا تبحث عن كوادرها
خاص غلوبال – زهير المحمد
يبدو أن النقص الحاد في الكادر الطبي وتسرب عدد كبير من الممرضين والممرضات وأطباء التخدير وأصحاب الاختصاصات لم يعد استثناء، بل بدأت العديد من الجهات العامة تشكو النقص في كوادرها، سواء لأسباب تتعلق بانخفاض الدخل والبحث عن فرص أفضل في القطاع الخاص، أو خارج القطر، أو بسبب الاستقالات، أو الإحالة المبكرة على التقاعد.
فالراتب وكما يقول الكثيرون لم يعد يكفي لأجور المواصلات مع مصروف يوم واحد، وقبل أيام اشتكى أطباء المشافي العامة من أن وجباتهم التي يتناولونها في المشافي غادرتها اللحمة منذ شهور لعدم كفاية المبالغ المخصصة لوجباتهم، أما الأخطر فهو النقص الكبير في عدد معلمي الحلقة الأولى، حيث كشف مدير تربية دمشق أن النقص في معلمي الصف وصل إلى خمسمئة معلم، فيما نجد نقصاً كبيراً في أعداد مدرسي الرياضيات والفيزياء والعلوم في الثانويات، والسبب يعود إلى ضعف الرواتب، أو الاتجاه إلى مدارس القطاع الخاص التي ضاعفت رواتبها مرات عديدة، وأنه يتم تعويض النقص في المدرسين عن طريق التعاقد مع طلاب الجامعات.
وإذا كانت مدارس المدن يمكن أن تجد ضالتها في طلاب الجامعات، فكيف يمكن لمدارس الريف أن تفعل ذلك، إلا من خلال زيادة أعداد الطلاب في الشعبة الواحدة أو ترك الطلاب لأسابيع دون مدرس اختصاصي، وحتى التعاقد في الريف مع طلاب الجامعات بات صعباً لقلتهم أولاً، ولأن ما يتقاضونه كأجور من جني الزيتون والمحاصيل الزراعية الأخرى في الساعة يتراوح بين عشرة وخمسة عشر ألف ليرة وهو أكثر بكثير من أجور ساعة التدريس.
فيما نجد العديد من مدرسي المواد الاختصاصيين قد هجروا مدارس القطاع العام إلى التعليم الخاص، وحتى من بقي منهم يفتح العديد من جبهات العمل والدروس الخاصة ويصل منهكاً إلى مدرسته وبالكاد يستطيع التحكم بنبرة الصوت المبحوح.
ما يعني أن قطاع التعليم الذي نعول عليه الكثير في إعادة بناء الإنسان بات في خطر، ويحتاج إلى تفكير بل إلى معالجة من خارج صناديق الميزانيات القاصرة عن تأمين لقمة العيش.
إن التفكير من خارج الصندوق الذي دعت إليه الحكومة في اجتماع لها قبل أيام يحتاج إلى تغطية مادية كي يثمر ذلك التفكير الموعود، وإلا فإننا سنبقى ندور في حلقة مفرغة دون حلول تنقذ ما يمكن إنقاذه في مختلف القطاعات، وعلى رأسها قطاع التربية المعني بصناعة العقول وصقل خبرات ومهارات وعلوم جيل المستقبل الذي نعول عليه في بناء ما تهدم على امتداد سنوات الحرب القاسية التي استهدفت كل شيء وفي المقدمة استهدفت العقول والخبرات والقيم.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة