كيلو اللبن أخف من كيلو الخشب
خاص غلوبال – زهير المحمد
لعل من أطرف الأسئلة التي كانت توجه إلينا في الصغر أيهما أثقل كيلو الحديد أم كيلو الخشب، وكان النبيه يسارع في الإجابة بأنهما متساويان لأن الاختلاف قد يكون بالحجم أو بالوزن النوعي، أما الكيلو فهو وحدة قياس رغم اختلاف المواد الخاضعة للوزن، لكنني الآن تأكدت أن وزن كيلو اللبن أخف من كيلو الخشب أو كيلو الريش، ومن يريد التأكد من هذا الكلام فليذهب إلى أي بائع لبن على طول البلاد وعرضها ويشتري كيلو لبن، وعندها يسارع البائع ويعطيه عبوة صغيرة على أساس أنها كيلو، ولكن عندما نضعها على الميزان الإلكتروني الذي يستطيع وزن الذهب بدقة متناهية نجد أن وزنه ثمانمئة غرام يضاف إليها وزن العبوة عشرة أو عشرين غراماً، وكأن المتعارف عليه عند بائعي الألبان أن كيلو اللبن هو فقط ثمانمئة غرام، وبالتالي فإن مايسمى جمعية تجارة الألبان عندما تسعر الكيلو بثمانية آلاف ليرة يضاف إليها خمسمئة ليرة ثمن العبوة من المفترض أن تجبر تجار الألبان على وضع المادة في عبوة تتسع للكيلو أو تحسم خمس المبلغ لأن النقص هو مئتا غرام في الكيلو الواحد.
والأطرف من ذلك أنه إذا طلبت كيليين لبن لايعطيك في الغالب عبوة تتسع لهما وإنما يعطيك عبوتين، أي ألف وستمئة غرام ومعظم باعة الألبان أحجموا عن استخدام السطل الذي كنا نشتريه على أنه كيليان كان يزن كيلو وثمانمئة غرام على اعتبار أن الربح أو السرقة الموصوفة من فم المواطن هي أكبر.
لقد بات هذا الموضوع يؤرق أصحاب الدخل المحدود ويقلق أصحاب الضمائر أيضاً، لأن اللعب بالوزن تتعارض مع كل قيم المجتمع الأخلاقية والدينية، أما وأن يعم التلاعب بوزن كيلو اللبن دون حسيب أو رقيب فإنما قد يؤسس للتلاعب بأوزان سلع أخرى.
هناك صور متداولة لسمان من سالف الأزمان يضع كيس ورق فارغ تحت كيلو الحديد أو أجزائه، ثم يضع كيس الشاي المصنوع من ذات الورق في كفة الميزان المقابلة لكي لايأخذ ثمن وزن الورق بما يعادل ثمن كيلو الشاي، هذه ليست طرفة ولا استثناء، ومن كان لايضع كيساً فارغاً في الكفة المقابلة كان يضع كمية إضافية حتى ترجح كفة الميزان وعندها لايظلم الشاري ويشعر البائع براحة الضمير.
ما نريد قوله إن على الجهات المعنية في وزارة التموين وفي جمعيات الألبان مكافحة هذه الظاهرة عن طريقين، الأول أن يتم استخدام عبوات تتسع للكيلو كما العبوات التي كانت تستخدمها معامل تصنيع الألبان، أو تصدر تسعيرة لهذا السطل”المسخ” وبما يتناسب وسعته إنصافاً للمستهلك وتماشياً مع قيمنا الأخلاقية والدينية التي تحض على عدم التلاعب بالوزن وتعتبره من الكبائر، وعندها يقتنع الجميع أن كيلو اللبن وكيلو الخشب وكيلو الحديد متساوون دون زيادة أو نقصان.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة