أمريكا تقتل ملايين البشر وتحتفل بـ”العفو عن ديكين”
خاص غلوبال – محي الدين المحمد
وسط الآلام والمعاناة التي خلفها بايدن وقواته الأمريكية في المنطقة، والحرب المدمرة التي غذتها إمداداتهم العسكرية والمادية لـ”إسرائيل” والمناشدات الدولية وقرارات مجلس الأمن التي لم تثمر عن نتيجة سياسية يتفاخر بها مع “إسرائيل”.
فإنجازات بايدن لم تكن بالتوصل إلى اتفاق وقف إطلاق للنار مع غزة، بينما تم ذلك بصمود حزب الله وتصاعد تأثيره الناري على الداخل الإسرائيلي مع تزايد عدد الصواريخ التي تصل عمق الكيان، رغم إدعاء متزعمي كيان العدو بأنهم “قضوا على ثمانين بالمئة من قدرات المقاومة اللبنانية”، فيما كانت وقائع الميدان تثبت للإسرائيليين والأمريكيين قبل غيرهم عكس ذلك.
المهم أن بايدن الذي لم يستطع العفو عن أطفال غزة وأبريائها، أو”يفرض” وقف إطلاق النار الذي وعد به عشرات المرات، لم يجد ما ينجزه أكثر من إصدار عفو عن ديكين روميين وسط احتفال مهيب في البيت الأبيض قبيل عيد الشكر، مكرساً تقاليد الرئاسة الأمريكية التي تحلل قتل الشعوب وتتفاخر بذلك الحس الإنساني الأعوج، وبتحويل انتباه الغاضبين من السياسة الإجرامية لأمريكا التي تُذهب ملايين الضحايا حول العالم سواءً بسلاحها المدمر، أو من خلال العقوبات وإفقار الشعوب وتجويعهم، أو نتيجة نهب الخيرات وفرض الأتاوات على الدول الغنية لتمويل حروب القتل والتدمير في غزة ولبنان وفي مناطق أخرى.
هذه التصرفات ثبتت النزوع الأمريكي إلى تسطيح القيم الذي يشبه تسطيح الشخصيات الذي يتبعونه في أفلام الكاوبوي والقتل الأمريكية، فيظهرون الجندي الأمريكي الذي يغزو العراق أو أفغانستان أو غيرهما من رقع الأرض على أنه شخصية متعدّدة عاطفياً وإنسانياً، وتحقق العدل والسلام وغير ذلك من قيم خير الأفلاطونية، فيما يعمدون إلى تصوير ذاك الشخص المدافع عن أرضه كصنم أو آلة مجرّدة من الشعور والإحساس، بعد صبغها بتهمة “الإرهاب” أو “معاداة السامية” أو “عدم التحلي بالديمقراطية” أو أي من التهم المعلبة والجاهزة التي احتلوها، ونهبوها، واستهدفوا بها عديداً من البلدان والشعوب التي لا ذنب لها سوى أنها قالت لا للمشروع الأمريكي ولـ”ثقافة عفوه” و”ديمقراطيته” المفصّلة وفق القياسات الأنغلوسكسونية.
إن العفو الأمريكي عن الديكين لن يغير السياسة العدوانية أو يخفض من حدة بؤر التوتر حول العالم، فالرفق بالحيوان وتشكيل آلاف الجمعيات في الغرب بإشراف مشاهير الفن والسياسة للحفاظ على حقوق الحيوان لا يعني الرفق بالإنسان والتخفيف من معاناته في المخيمات، أو في المناطق المحاصرة، ولا الرفق بالباحثين عن لقمة العيش وسط أمواج البحر التي تبتلع المئات منهم قبل أن يصلوا إلى سواحل دول نهبت خيرات بلادهم من قبل وأشعلت بها حروباً تأكل الأخضر واليابس.
والسؤال المطروح الآن: هل يلجأ العالم لديكي ترامب للتوسط في السماح لإدخال الغذاء والدواء لأطفال غزة، أم أن العفو عنهما كان ظاهرياً ليذبحا كما يذبح الأبرياء قبل عيد الشكر، وخاصةً أن ذلك الاحتفال لم يكن سوى مجرد تغطية على جرائم يندى لها جبين الإنسانية؟.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة