يراهنون على خناجرهم الصدئة
خاص غلوبال – محي الدين المحمد
لا أحد ينكر أن هجوم “جبهة النصرة” مع كل الفصائل الإرهابية على حلب وريف إدلب وتقدمها إلى ريف حماة الشمالي قد أدخل القلق إلى قلوب شرائح واسعة من الناس، لكنه قلق مؤقت، ذلك أن ما حققه الجيش السوري في السنوات الأولى للحرب الكونية قبل مشاركة الأصدقاء والحلفاء في ردع المعتدين كان معجزة بالفعل، وعزز ثقة المواطنين به.
فالهجمة الإرهابية بقيادة “الإسلام السياسي” وتنظيماته الإرهابية القاعدية والداعشية التكفيرية، والتي حظيت بدعم تآمري دولي شاركت به أكثر من ثمانين دولة، مع تخصيص ألفي مليار دولار وفق تصريحات متلفزة لوزير خارجية قطر الأسبق حمد بن جاسم، وإجبار الدولة السورية على التعامل مع المسلحين بالهراوات بحجة أن حراكهم سلمي، فيما كان السلاح والمسلحون والأموال والدعم السياسي الخارجي يتزايد بشكل غير مسبوق لدرجة أن المسلحين الذين وصل لمساندتهم خبراء وإرهابيون من مختلف الجهات باتوا يسيطرون على أنحاء واسعة من الجغرافية السورية، وطوقت دمشق بالإرهابيين من كل الجهات.
وكان الحلم الأمريكي “الإسرائيلي” أن يتم تقويض الدولة الوطنية السورية بثلاثة أشهر، وسط دعم غير محدود للإرهابيين، وتشكيل غرفة عمليات الموك لقيادة العمليات والتخطيط لها.
نذكر جيداً أن الإرهابيين سيطروا على المعضمية وصولاً إلى داريا ونهر عيشة والمخيم ويلدا وببيلا والغوطة الشرقية بالكامل وصولاً إلى الضمير بريف دمشق، وكذلك بلدات تحيط بالمتحلق الشمالي وأصبح الدخول إلى دمشق محفوفاً بالمخاطر، ومن كل الجهات، ومع ذلك فإن ثقة الناس بجيشهم وقيادتهم ودولتهم لم تتزعزع.
وحتى عندما تم شراء ذمة رياض حجاب رئيس الوزراء الأسبق، ونقلوه في صندوق شاحنة بين الأغنام المهربة إلى الأردن، وتم استهداف خلية الأزمة، كانوا يتوقعون أن المخطط الأمريكي- الإسرائيلي قاب قوسين أو أدنى من التحقق بإسقاط الدولة.
واستطاع الجيش العربي السوري بمزيد من الشجاعة والصبر والحرص على حماية المدنيين- الذين وللأسف كانوا دروعاً بشرية تستخدمها المنظمات التكفيرية- أن يعيد الأمن والأمان إلى مئات المدن والقرى، فيما تم ترحيل المسلحين من محيط العاصمة ومن جنوب سورية، بما في ذلك أولئك الذين يقودهم الإرهابي الجولاني، والذين كانوا يتلقون الدعم المباشر من “إسرائيل”، ويتعالجون في مشافيها.
وتحولت إدلب ومحيطها إلى بؤرة من أخطر البؤر الإرهابية في التاريخ الحديث، وخاصة أنها تتواجد على الحدود التركية، ولجهة استثمارها للنازحين بتنجنيد الشباب منهم عبر إغوائهم مادياً، ناهيك أنه كان يدخل من تركيا ألف إرهابي يومياً منذ العام 2012، وفق وسائل إعلام غربية.
فيما كان الدعم التركي والغربي بالسلاح والعناصر والخبراء على أشدّه، ومع ذلك لم تتزعزع ثقة الناس بالجيش العربي السوري لحظة واحدة، وكان ولايزال أهل لهذه الثقة.
وبالتالي يمكننا التأكيد على أن هذا الهيجان الإرهابي لأكبر مخزن يحتويهم في الشمال بما لديهم من أسلحة متطورة وإنغماسيين، وإن حقق تقدماً تكتيكياً سريعاً، إلا أنه لن يحتفظ بثمراته لوقت طويل، ولاسيما أن الجيش العربي السوري لديه الخبرة والقوة لتحجيم هذا العدوان ورده على أعقابه.
مهما كانت أعدادهم وتجهيزاتهم والقوى والدول الداعمة لهم، فالمراحل الأخطر والأشد صعوبة قد اجتزناها بالفعل، وإن اجتثاث الإرهاب هو في مقدمة الأولويات، وعلى كل من يراهن على دور تلك الخناجر الصدئة في ثني الشعب السوري عن خياراته المبدئية، أن يقطع الأمل الذي لا طائل منه.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة