أمّا وقد خرجت الحكومة!
أما وقد خرجت الحكومة الى الضوء فقد بات لها أن تدرك أن هناك الكثير من معاناة المواطنين ناتج عن قراراتها غير المدروسة، وليس هناك أوضح من مثال توزيع الخبز، حيث أمضت الحكومة أكثر من عام لإقرار آلية توزيعه وقد انسجم المواطن مع هذه الآلية وتعامل معها وبالمقابل أعلنت الحكومة عن الوفر الذي حققته وبينت أرقام الدعم ، ولكن ما إن تعوّد المواطن على الآلية الجديدة ونظم أموره وفقها حتى طالعتنا بآلية جديدة أطلقت عليها اسم التوطين وبدأت بتطبيقها في ثلاث محافظات، فأربكت الناس وضاعفت كلفة الحصول على المخصصات والزمن ووصل الأمر الى حالة الإذلال في بعض الأحيان. والمؤسف أنه خلال العام من التجربة الأولى لم تعمل الجهات المعنية على تحسين نوعية الخبز ولا ضبط الوزن، بهذا الكلام بدأ الصحفي معد عيسى مقالته في موقع الخبير السوري.
وأضاف عيسى: “عندما يتم تطبيق آلية معينة فإن الجهة المعنية تراقب التنفيذ وتصحح التشوهات لا تقوم بنسفها وتبدأ بتجربة جديدة، لأن ذلك يعني أنها تجرب بالناس دون حساب الآثار التي تتركها هذه التجارب على حياة الناس وكلفتها وكأنها تعمل بمسار واحد لتخرج بصورة الضابط والموفر ، وهذا ما ذهبت إليه الحكومة من إعلان أرقام الوفر في الكميات والدعم المقدم لها دون الوقوف على آثارها الكارثية على حياة الناس”.
وقال : “اليوم ليس مطلوبا من الحكومة أكثر من إدارة الموارد المتاحة وتوزيعها بشكل صحيح وإيجاد حالة تكامل بين أصحاب القرار والمتأثرين به، والاهم من ذلك الاستماع الى هؤلاء المتأثرين ولتكن آراؤهم مساهمة في صناعة القرار ، فالمصداقية والثقة تعتبران العامل المهم المؤثر في تغيير سلوكيات وأنماط استهلاكية واكثر اهمية بالنسبة للاستثمار أيضا لأنها تشكل الطمأنينة لكل صاحب رأسمال ليضعه في الاستثمار”.
وأضاف عيسى:” عوامل إعادة بناء الثقة مع المواطن كثيرة وبسيطة فهل هنالك مثلا أسهل من كشف حالات فساد والمحاسبة عليها في قضايا حساسة تلامس حياة المواطن اليومية مثل حالة محطات الكهرباء التي تجري صيانتها حاليا وعقود الصيانة السابقة لهذه المحطات والتحقق من تلك الصيانات وما طالها من لغط والتي كانت سبب وصولنا لهذه الحالة؟ هل هناك اهم وأسهل من الدخول إلى ملفات الجهات الرقابية ومعرفة ما يجري في هذه الاجهزه من تبريد وتبييض للملفات والسلوكيات؟
هناك ملفات في القضاء يتم البيع فيها بالعلن وتحدد قيم ومبالغ للفصل فيها فهل هناك صعوبة في الدخول إليها”؟
وقال الكاتب: “المواطن يسبق الحكومة في إيجاد التبريرات لها إن كانت صادقة معه ولكنه سينتقدها إن كانت قراراتها أحادية الأثر وتحمله أعباء غير منطقية، وسيطلب برحيلها إن تجاهلته وجعلت منه حقلا لتطبيق تجاربها ، لا يهم المواطن الأشخاص وإنما النتائج ، واليوم الحكومة الجديدة يمكنها بالموارد المتاحة فعل الكثير ، ولم يعد أحد يقبل بتبريرات الحرب والحصار لان المواطن قادر على الفصل بين هذه الحدود ويعرف ان اكثر من خمسين بالمائة من مشاكله ناتجة عن سوء الإدارة والفساد”.
وختم عيسى بالقول: “التجهيزات الموجودة في الاسواق السورية والمخالفة للمواصفات والرديئة مثل ألواح الطاقة الشمسية وكل التجهيزات الكهربائية ليس لها علاقة بالحرب والحصار وإنما بالفساد وغياب الضمير والمحاسبة ، وعدم تسليم المحاصيل الزراعية مثل الحبوب والقطن للدولة ليس له علاقة بالفساد وإنما بالقرارات المتأخرة في تسعير المنتجات أو تسعيرها بأقل من الكلفة ، وعدم توزيع الدعم بشكل نقدي ومباشر ليس بسبب الحرب بل بسبب الحفاظ على حلقات الفساد التي تتاجر بمواد الدعم، بنفس الموارد المتاحة يمكن أن تفعل الحكومة الكثير ولا أحد يطالبها بأكثر من المتاح ولكن ذلك يحتاج لإرادة وعمل”.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة