بعد أن كان حلماً، الزواج في سورية يتحوّل لكابوس!
اعتاد الناس في سورية عند رؤية شاب أن يخطر في بالهم سؤال “إيمتا رح نفرح فيك”، لكن على ما يبدو أن هذا السؤال بات يشكل عبئا عليهم، فأولوياتهم تغيرت و باتت اهتماماتهم من نوع آخر، و كما الكثير من أبسط مقومات الحياة وضرورياتها، يبدو الزواج اليوم في سورية بات رفاهية عالية، ليس لأحد القدرة عليها.
هذا الأمر لعبت فيه الحرب على سورية دورا كبيرا، حيث صادرت أحلام الشباب، وبات التفكير بالزواج يضعهم أمام بحواجز لا تنته من شروط و ظروف قاهرة حوّلت فكرة الزواج لكابوس لا حلم.
وفي الوقت الذي كانت أحلام الشباب مقصورة على إكمال دراستهم الجامعية وتأدية الخدمة الإلزامية وتأمين فرصة عمل، وبعدها الزواج، إلا أن تلك الأحلام تبددت، وتغيّرت جميع مخططاتهم ومشاريعهم، حتى الدراسة باتت خارج تفكير الكثيرين، وبات همهم الأول والأخير الحصول على فرصة عمل تؤمن حياتهم اليومية وتساعدهم في إعالة أسرهم.
القاضي الشرعي الأول في دمشق محمود معراوي، صرح آواخر العام الماضي، أن نسبة تأخر سن الزواج في سورية خلال عامي 2019 و2020 وصلت إلى حوالي 70 % عازباً، ويعود السبب إلى قلة أعداد الذكور إثر استشهاد عدد كبير منهم في الحرب وهجرة قسم آخر ما أدى الي ارتفاع أعداد الإناث مقارنة بأعداد الذكور، كما أن التحاق الشباب بالخدمة العسكرية الإلزامية والاحتياطية قد أسهم في عزوف الشباب عن فكرة الزواج حالياً، بالإضافة للمعدلات العالية من البطالة والأزمات النفسية المتعددة وعدم الاستقرار الاقتصادي والنفسي والاجتماعي و الصحي.
والعامل الأهم الذي يستوجب الوقوف عنده، العامل الاقتصادي، سواء من ناحية صعوبة تأمين السكن بسبب الأجارات المرتفعة والأسعار الخيالية للمنازل، إضافة للارتفاع الكبير بأسعار المفروشات و الأدوات كهربائية، هذا عدا عن ارتفاع سعر الذهب والذي بات أساسا من المنسيات، عدا عن الشروط والطلبات التي قد يفرضها أهل الفتاة، وعقولة الشباب، “نحن ما معنا مصباح علاء الدين”، وكلّ ذلك يقابله تدني كبير الأجور.
وللأسف هذا الواقع كانت له تداعياته الخطيرة على المجتمع، وترك الكثير من الآثار السلبية، حيث خلق مشاكل نفسية واجتماعية كبيرة للشباب، وساهم بظهور كثير من حالات الزواج العرفي وغير الشرعي، الأمر الذي يستدعي مشاركة الجميع للتخفيف من حدّة هذه الأزمة وآثارها، وأن يكون هناك تعاون من أهالي الفتيات، لكن العبء الأكبر يقع على الجهات المعنية، عبر تقديم حلول و إجراءات سريعة علًها تنقذ شبابنا من كارثة اجتماعية لا نعرف عقباها.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة