الحلقة المفقودة في مسلسل الارتفاع اليومي للأسعار!
ثمة حلقة مفقودة في مسلسل الارتفاع اليومي للأسعار.. إذ لم نعد نجد أي مبرر لهذا الارتفاع بعد الاستقرار النسبي لسعر الصرف والذي كان تذبذبه الحاد هو المتهم الأول في مرحلة لاحقة!
هذا الموضوع يحمل العديد من الاحتمالات، أولها تمدد آفة الاحتكار وعدم طرح المواد والسلع إلا بالحدود الدنيا، على أمل أن يشهد سعر الصرف موجة جديدة من التذبذب، وبالتالي الاستفادة من فرق سعر “الاستيراد”، وخاصة إذا كان ممولاً بسعر مدعوم من المصرف المركزي، وسعر “المبيعذ” للمستهلك وفق مستوى سعر الصرف المأمول في حال تعرضه لموجة تذبذب أخرى – كما أشرنا – حسب ما يطمح إليه رواد الاحتكار..!.
الاحتمال الثاني هو تغليظ عصا تحصيل الضرائب، بعد فترة سبات طالت – ربما – لعقود من الزمن، وتحميل المستهلك لما يتوجب من الضرائب حفاظاً على هامش الربح الكبير الذي كانوا يتقاضاه كبار التجار والمستوردين، علماً أن تحصيل الضرائب بالأساس لا يكبد التاجر أية خسارة بالأساس، ولكنه قد يحد من هامش الربح مقارنة بعدم التحصيل، ما قد يعني بالنتيجة أن كبار التجار يصرّون على أن هذا الهامش الكبير حقٌ مكتسب ولا يمكن التنازل عنه..!.
الاحتمال الثالث تقصير وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك بمتابعة انسياب السلع في الأسواق المحلية سواء لجهة توفر المادة أم لجهة تسعيرها بما يتناسب مع سعر صرف استيراده وحساب تكاليف وصولها للمستهلك..!.
لعل اللافت حقيقة، في هذا السياق، الغياب التام لغرفة التجارة قاطبة عن المشهد العام، وكأن الأمر لا يعنيها لا من قريب ولا من بعيد، في حين أنه سرعان ما يعلو صوتها لدى صدور أي قرار يمس التجار، ولعل قرار إلزام التاجر بتسجيل عماله بالتأمينات الاجتماعية خير ما نستشهد به في هذا المجال، إذ لم يتوانوا عن مخاطبة وزارة التجارة الداخلية والحكومة وعقد سيل من الاجتماعات بغية إلغاء هذا القرار أو تعديله بما يتناسب مع مصالحهم، ناهيكم عن تحفظهم على قانون حماية المستهلك الجديد، وما تضمنه من عقوبات وغرامات مالية بحق المرتكبين منهم، وكأنهم أسمى من أن يخطئوا..!.
نخلص إلى اعتقادنا أن كبار التجار والمستوردين هم المتهم الأول بانفلات الأسواق وما ينتابها من فوضى على مدى سنوات طوال، ومردّ اعتقادنا أن المنهج التجاري لهؤلاء – ولاسيما الرعيل الحالي منهم – يتناقض مع ما خطّه أسلافهم من أدبيات تجارية ذات أبعاد اجتماعية، من قبيل محاربة الاحتكار بأشكاله كافة، وأن التجارة في النهاية ربح وخسارة، بينما نهج الرعيل الحالي للأسف أن التجارة هي ربح وربح فقط..!.
حسن النابلسي- صحيفة البعث
طريقك الصحيح نحو الحقيقة