خبراء اقتصاد: الحكومة اخفقت في معالجة ارتفاع الأسعار المتتالي اليومي
يبدو أن السيناريوهات المحتملة لإعادة هيكلية الراتب ومتمماته حسب ما صرحت به الحكومة مؤخراً لم تحصد تفاؤلاً أو ارتياحاً في أوساط الشرائح المستهدفة من موظفي القطاع العام، إذ لا ترق النسب المدروسة لمستوى الحلول المجدية للتصدي للأزمة المعيشية الراهنة التي يعاني منها كافة المواطنين وعلى وجه الخصوص موظفي القطاع العام لانخفاض دخولهم الشهرية مقارنة بارتفاع معدلات التضخم، ما أدى لتدني واضح بالقدرة الشرائية.
الخبير الاقتصادي الدكتور علي كنعان، أكد أن إصلاح الرواتب والأجور يكون على الرواتب بشكل أساس وليس متمماته كونها ملحقة به، وباعتبار أن نسب التضخم عالية جداً فيجب أن تبدأ المعالجة بإقرار زيادات متتالية على الراتب عن طريق التمويل بالعجز – الإصدار النقدي – كونها ستنعكس مباشرة في حركة نشطة في الأسواق ما يعني تنشيط الواقع الاقتصادي وتحفيز زيادة الإنتاج المحلي، فمعدلات التضخم العالية ناتجة عن ارتفاع كبير في الأسعار لتدني القدرة الشرائية وكساد بعض السلع، أو لنقص في المواد الأولية أو استيرادها بأسعار مرتفعة، فالزيادات السريعة المتتالية من شأنها أن تسبق معدلات التضخم وإن احتاجت لبعض الوقت.
وأكد كنعان لصحيفة البعث، ضرورة إلغاء الدعم عن السلع المدعومة بشكل سريع ومباشر، وتوجيه قيمة الدعم للمستحقين نقداً، إذ بين أن الإعانات في الموازنة تقارب 5.5 تريليون فإلغاء الدعم وتوزيعه على الرواتب في سورية يزيدها بمقدار 300%، وبالتالي فإن إصدار زيادة أولى على سبيل المثال بمقدار 100% بالتوازي مع تقديم دعم للأسر التي لا تملك معيل بقيمة مئة ألف ليرة شهرياً، ستنتج مبلغ إجمالي لا يتجاوز ملياري ليرة ويحقق وفر بمثل قيمته للموازنة، على أن تعاد الكرة في فترة قريبة زمنياً من الزيادة الأولى لتحقيق قفزة نوعية في الرواتب والأجور وبالتالي تتجاوز نسب التضخم بشكل ملحوظ.
في السياق، اعتبر بعض الخبراء أن النسبة التي ستقرها الحكومة على الرواتب مهما بلغت لن تصل إلى حد الكفاف للمواطنين، بل سيبقى معظم موظفي القطاع العام بشكل خاص كون نظيره القطاع الخاص والأعمال الحرة واكبت التضخم، وتناسبت رواتبها أو مدخولها اليومي مع الأسعار الراهنة، سيبقون داخل دوامة الراتب والقدرة الشرائية له.
وتساءل الخبير الاقتصادي عامر شهدا، هل يمكن للحكومة تقديم زيادة مكافئة للأسعار الحقيقية لتحقيق توازن نسبي بين الدخول والأسعار لاسيما في ظل وجود عجز يقدر بأربعة تريليون ليرة؟ وبالتالي إن لم تكن الزيادة موازية لنسب التضخم مع تثبيته، فكيف تم دراسة نسب التعديل ولاسيما وأن أي زيادة ستقر على الراتب ستؤدي إلى تضخم جديد ولن تحل الزيادات عن طريق المنح أو النسب البسيطة هذه الإشكالية، فالواقع يتطلب حلولاً جذرية مستندة للواقع الحالي، فالحل المطروح غير مجدٍ سيما وأن الحكومة اخفقت في معالجة ارتفاع الأسعار المتتالي اليومي والتضخم الموازي لها في حال إقرار زيادة، فما يتم طرحه لا يعتبر حلاً وبالتالي لن يكون هناك رفع قيمة الاستهلاك أو زيادة الإنتاج، وما يتم هو عبارة عن حلول جزئية لفترة لاتتجاوز 15 يوم على الأقل لتعود الكرة من جديد، ويدخل الموظفين في دوامة المطالبة بزيادة أخرى
وأكد شهدا أن الأفضل من الزيادة المنتظرة هو قيام الحكومة بتوزيع سلل غذائية على المواظنين وتقديم المشتقات النفطية دون دفع مبالغ مادية بقيم مالية توازي مقدار الزيادة المزمع إصدارها لتلافي استغلال التجار للأمر والإقدام على رفع الأسعار وزيادة معدل التضخم، واعتماد مبدأ الزيادة عينية بدلاً من زيادات نقدية ستزيد العجز والتضخم ولن تحقق الغاية المرجوة منها.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة