“صين العرب” ليست بخير…فمن ينقذها وينقذ معيشتنا؟!
خاص شبكة غلوبال الإعلامية _ بقلم رحاب الإبراهيم
“ستبقى حلب العاصمة الاقتصادية مهما مر عليها من صعاب وكثرت العراقيل بوجه صناعتها”..صرخةٌ مدويةٌ أطلقها كبار صناعييها بـ”الفم المليان”، عل الصوت يصل وتعرف أسباب تجاهل أهمية هذه المدينة الصناعية والتجارية، التي أوصلت المنتج السوري إلى العالمية سابقاً، ولماذا تشتد عليها الضغوط من كل حدب وصوب في وقت يفترض تقديم التسهيلات والإعفاءات ليس كرمى صناعتها الحيوية فقط وإنما لإنقاذنا من واقعنا المعيشي المتأزم بدل اللجوء إلى سياسة المستوردات الخاسرة، فلو دُعمت حلب وصناعتها لما وصلنا إلى هذا الحال الصعب، ولما تحكم “الأخضر” بمعيشتنا، فمن المعروف إذا كانت حلب بخير سنكون واقتصادنا بخير، لكن هناك من يصر عن تجاهل هذه الحقيقة لغايات في نفس يعقوب.
حلب التي كانت تلقب بـ”صين العرب” ليست بخير على عكس ما يروج… وحالنا المتعب يفصح بكل وضوح عن واقعها المأساوي وخاصة بعد استعار أزمتي الكهرباء والمحروقات، وأن كانت قد قطعت أشواط بمسار إعمارها بهمة أهلها المعروفين بأنهم “أهل مال”، لكن هذا المال قد ينضب وليس كما يتوقع صناع القرار، الذين يحضرون كل فترة، فيشبعون ناسها تصريحات منمقة وعدم كلامي لا ينشط إنتاجاً ولا يحرك عجلة معمل، لتأتي الطامة بعد العودة إلى المكاتب بإصدار قرارات تزيد واقع الحركة الصناعية سوءاً و”كأنك يا زيد ما غزيت”، والقائمة تطول كإعطائها الحصة الأقل من الكهرباء، متكئين على اعتمادها على الأمبيرات، التي تغطي أموال تشغيلها المرتفعة تكاليف بناء محطة توليد كهربائية تشغل الصناعة في المدينة، لكن المصالح تحكم دوماً، ويزيد الطين بلة فرض ضرائب مرتفعة وفواتير كهرباء كبيرة ورسوم أخرى لجباية الأموال، بينما يفرض واقع الحال الرعاية وليس الجباية عبر تقديم تسهيلات للصناعيين الحقيقيين لفترة محددة لحين التمكن من النهوض بطاقة إنتاجية أكبر، ما يمكنهم من رفد السوق بمنتجات جيدة النوعية والسعر تغطي حاجة السوق مع تصدير كميات معقولة ترفد الخزينة بالقطع الأجنبي، وتمنع داء المهربات المنتشر بكثرة في أسواق حلب.
وهذا ما لم يحدث حتى الآن رغم كل المطالبات والمذكرات وتوصيات المؤتمر الصناعي الثالث، الذي وُصفت حينها بأنها خطة إنقاذية للصناعة الحلبية لكن أودعت كالعادة في الإدراج ونفذ بنود قليلة منها وبالتقسيط، مع أنه لو استمع لمطالب الصناعيين منذ أربع سنوات لكانت أغلب المصانع والمنشآت الصغيرة والمتوسطة المقدرة بـ34 ألف منشأة عادت للإنتاج مع إرسال رسائل مشجعة للصناعيين في الخارج للعودة بدل تشكيل لجان معروفة النتائج مسبقاً، ما يضطرهم للبقاء دول تقدم لهم حوافز ومغريات مشجعة للاستفادة من خبراتهم الصناعية، بينما يتخذ مسؤولينا كل القرارات الطاردة لرؤوس الأعمال والخبرات الصناعية والكفاءات الشابة.
ورغم هذا الواقع الصعب يصر صناعيو حلب على تنشيط صناعتهم بكل السبل الممكنة، مع إفصاحهم سراً وعلانية بشعورهم بالغبن ووجود حرباً من تحت الطاولة ضد مدينتهم تتسبب بتعطيل الحركة الانتاجية وتدفع كثر للتفكير في الهجرة في ظل زيادة الركود والجمود الواضح في أسواقها، فهم إذ يملكون القدرة على تجاوز آثار الحرب والحصار لكن لا يمكن تحمل أن يكون الحصار داخلياً، فظلم ذوي القربى أشد مضضة كما يقال.
إزالة الغبن عن حلب “المظلومة” يتوجب توجيه بوصلة الاهتمام الفعلي صوبها بعيداً عن الجولات والمؤتمرات ودعم قطاعها الصناعي بالتزامن مع دعم القطاع الزراعي، لنعود إلى “الأكل مما نزرع واللبس مما نصنع”، في ترجمة فعلية لسياسة الاعتماد على الذات القادرة وحدها على رد بلاء الحصار وداعميه وحماية لقمتنا من لصوص الحرب وشركائهم الفاسدين.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة