من يُعرقل إنشاء المصفاة الثالثة؟
خاص شبكة غلوبال الإعلامية – بقلم: علي عبود
عندما كانت سورية دولة مستوردة للنفط أنشأت مصفاتين للتكرير، مصفاة حمص في عام 1959، ومصفاة بانياس في عام 1982، وعندما أصبحت دولة مصدرة للنفط لم تخطط لإنشاء مصفاة ثالثة.. فلماذا؟ ترى هل من عرقل ولا يزال يُعرقل إقامة مصافٍ جديدة في سورية، ولماذا؟
والسؤال الأهم: متى ستبدأ الأعمال التنفيذية لإقامة المصفاتين الثالثة والرابعة حسب الإتفاق الموقع في عام 2019 بين وزارة النفط ومستثمر سوري؟
مهما كانت الإجابات فإن الجاجة باتت ماسة جدا لإقامة مصفاة ثالثة لأن قِدم الآلات وخطوط الإنتاج في مصفاتي حمص وبانياس تعرقلان العمل، وتحتاج إلى صيانات دائمة بفعل الأعطال الدائمة والمفاجئة، والدليل إن الأزمات في المحروقات استمرت في السنوات السابقة بسبب أعمال الصيانة والعمرة، وليس بسبب نقص النفط فقط!
والملفت أن الخطط “الورقية” منذ تسعينيات القرن الماضي لحظت توسيع مصفاة حمص من جهة، وإقامة مصفاة ثالثة من جهة أخرى، ولكن.. لم تكن الحكومات السابقة جدية، أو ميالة، لإقامة مصفاة جديدة، على الرغم من فرض عقوبات على سورية منذ منتصف ثمانينات القرن الماضي، فهي اختارت الحل الأسهل، أي استيراد المحروقات، وغالباً كان خيارها انصياعاً لرغبة كبار المستوردين المتنفذين الذين لايزالون يضعون “فيتو” كبيراً على إقامة المصفاة الثالثة!
وكدنا نُصدّق إن الأمور تغيرت مع حكومة (2003 ـ2011) التي اختارت تطبيق نهج اقتصاد السوق الليبرالي الريعي، ففي جلسته المنعقدة في 26/6/2006، وافق المجلس الأعلى للاستثمار على تشميل مشروع انشاء مصفاة لتكرير النفط في دير الزور بأحكام قانون الاستثمار رقم/10/على شكل شركة مساهمة تقدر تكلفتها الاستثمارية بحدود 88 مليار ليرة سورية.
وصدقنا أكثر فأكثر بأن المصفاة الثالثة ستتحول إلى أمر واقع خلال سنوات قليلة بعد توقيع وزارة النفط، في أيار 2007 مع شركة نور للاستثمار المالي الكويتية مذكرة تفاهم تتولى بموجبها الشركة تشكيل تحالف مالي بقيادتها يضم رجال أعمال ومؤسسات وشركات حكومية سورية وعربية وأجنبية بغرض إقامة وتشغيل مصفاة دير الزور، باستطاعة تقدر بـ 140 ألف برميل يومياً، وأوضحت الشركة الكويتية حينها أن مدة تنفيذ المشروع من 3 إلى 4 سنوات، وتقدر تكاليفه الأولية بـ 1.5 مليار دولار.
وفعلا في 5/11/2007، وقعت شركة نور مع شركة وود ماكينزي البريطانية، على اتفاقية دراسة مصفاة دير الزور المزمع إقامتها في فندق شيراتون دمشق.
وكان ملفتا ماكشفه وزير النفط السابق في أيلول 2006، خلال اجتماعه مع نظيره الفنزويلي عن مشاركة فنزويلا في إنشاء المصفاة الثالثة في سورية، وكشف أيضا أنه عقد اجتماعاً مع وزير النفط الإيراني تم فيه مناقشة إمكانية المساهمة في مشروع المصفاة الثالثة.
نتائج هذه الإجتماعات والإتفاقيات كانت صفرا مكعبا، إذ لم نعد نسمع بعدها أي كلمة حول مصير الاتفاقية الموقعة مع شركة كويتية، ولا أي جديد في المباحثات مع كل من فنزويلا وإيران بشأن المصفاة الثالثة.
وفجأة.. في العام 2019، وبلا أي مقدمات، وقعت وزارة النفط مع رجل أعمال سوري لم تكشف اسمه إتفاقية لإقامة مصفاتين جديديتين، أي ثالثة ورابعة قيمة كل منهما 10 مليارات ليرة!
وبما أن شركة رجل الأعمال (المجهول) لم تبدأ معاولها بحفر التأسيسات للمصفاتين الجديدتين حتى الآن فإننا نكررالسؤال المطروح منذعام 2006: لماذا لم تطلب وزارة النفط من دول صديقة وحليفة، ولها باع طويل في الصناعة النفطية، بتنفيذ هذه المشاريع كروسيا والصين وإيران، أم أن هناك من يصر ويقوى على عرقلة إقامة أيّ مصافٍ جديدة في سورية؟
طريقك الصحيح نحو الحقيقة