من طبيب إلى عميل للموساد .. رحلة التجسس من السويد إلى دمشق مروراً ببيروت
أوقفت الأجهزة الأمنية اللبنانية في مطار بيروت طبيباً سورياً مقيماً في السويد، يعمل لصالح “الموساد الإسرائيلي”، بعد رصد اتصالات للطبيب عبر أرقام سورية وسويدية مع الموساد في محيط منطقة المطار بين عامي 2020 و2022.
وفي التفاصيل التي نشرتها صحيفة الأخبار اللبنانية نقلاً عن المحققين، فإن الطبيب “معين يوسف” جرى تجنيده في عام 2018 عبر شخص يدعى كريستوفر، الذي حاول بداية إيهام الطبيب بأنه يريد المساعدة في مشروع خيري لتنقية المياه في سورية.
وخلال اللقاءات بين الطبيب السوري وكريستوفر في عدة مدن أوروبية، كان يطلب الأخير تزويده بأسماء مناطق التي تحتاج إلى تنقية مياه، وفي كل مرة يتم دفع مبالغ مالية للطبيب بدل سفر ويوم تعطيل وأجور الحجز الفندقي.
وبعدها تمّ إشراك والد وشقيقي الطبيب للعمل معه في المشروع المزعوم، حيث اختار الطبيب بداية بلدة صحنايا الواقعة في ريف دمشق، وبالفعل سافر إلى دمشق ليلتقي رئيس بلدية صحنايا ويخبره بالمشروع، ويحضر الصور والخريطة المطلوبة.
وفي لقاءات لاحقة بين الطبيب وكريستوفر في التشيك وإيطاليا، أحضر الأخير أشخاصاً معه، بصفة خبير ومدير مشروع تنقية المياه المزعوم، حيث كان أغلب الحديث في اللقاءات يتمحور حول مشروع تنقية المياه.
منذ شهر آب 2020 بدأ التحول الذي فهم عبره الطبيب طبيعة العمل الأمني، حيث طلب منه التواصل عبر تطبيق واتساب برقم سويدي، وتحميل برنامج مخصص للتشفير، كما تمّ إعطاؤه حاسوب ومعدات للاتصال.
وأبلغ الطبيب المحققين أن صاحب المشروع، تصرف معه بطريقة مختلفة عن السابق بعد لقاء في سويسرا، وكان يتوجه له بلغة الأمر. وأظهر جدية وصرامة لم يُظهرها في أي وقت سابق. وأنه اكتشف أن ما يسعى وراءه لا يمت إلى الأعمال الخيرية بصلة، إنما تبين له أنه كان يتواصل مع أحد ضباط “الموساد الإسرائيلي” الذي يسعى لمعلومات أمنية من أشقائه في سوريا، وأنه اتُخذ وسيطاً لإتمام مهمته كون تواصله مع أشقائه في سوريا لن يُثير الريبة والشكوك لدى الأجهزة الأمنية.
ويقول الطبيب في إفادته إنه فور وصوله إلى سورية اجتمع بوالده وشقيقيه لؤي ومازن وأعلمهم أن ليس هناك أي مشاريع خيرية وأن الشخص الذي يتعاملون معه ضابط في الموساد الإسرائيلي. فجرى نقاش بينهم ثم قرروا متابعة التواصل والتعامل معه.
وخلال فترة لاحقة، أرسل الطبيب بمساعدة شقيقيه خرائط لبلديات تابعة لمدينة دمشق وريفها تتضمن تفاصيل عن الطرقات والأوتوسترادات والجسور، كما تواصل معه في إحدى المرات شخص يتحدث بلهجة أردنية طالباً منه جمع معلومات عن شخصين موجودين في سورية.
وأفاد الطبيب للمحققين بأن المشغّل كان يرسل الهدايا والمبالغ المالية إلى عائلته، في مرة أولى أرسل 500 يورو والثانية 1200 يورو، وذكر أنه في مرة أخرى دفع له المشغل 1500 يورو ثم مبلغ 2300 يورو وزعها على شقيقيه ووالده، وفي مرة أخرى أعطاه مبلغ 6 آلاف يورو طالباً منه أن يعطي 4500 يورو منه لشقيقه مازن، و1500 يورو لشقيقه لؤي ووالده.
وأشارت الصحيفة في مقال لاحق إلى أن السلطات السورية تبلغت قبل أسابيع معلومات أولية عن الطبيب العميل، وبعد التدقيق في معطيات تم جمعها بطرق مختلفة، عمدت السلطات السورية إلى توقيف أفراد عائلة الطبيب السوري وآخرين من أصدقائهم وتم التحقيق معهم.
وأقرَ والد الطبيب وشقيقيه بالتعامل عن معرفة لاحقة، وأنهم وقعوا ضحية المغريات المالية من جهة، وأنهم كانوا يعتقدون أنهم يساعدون على تحسين الواقع الاقتصادي والمعيشي في سورية.
وقد تمّ العثور على أجهزة كومبيوتر وهواتف وعلى مواد خاصة بعدد من الوزارات السورية بحوزة الموقوفين، خصوصاً أن المشغل الإسرائيلي كان يسعى إلى جمع كل الخرائط التي تعطيه فكرة على كل ما هو موجود تحت الأرض في العاصمة السورية.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة