استثمارات خاصة تهزّ شباك الواقع والمردود صفر ..!
خاص غلوبال – سامي عيسى
عندما نتحدث عن الاستثمار أو عن رؤوس الأموال، هذا يعني أننا بالضرورة نتحدث عن مناخ ملائم وبيئة مناسبة وجاذبة، تحتفظ بمجموعة مقومات تسمح باستثمار أمثل للعقل البشري من جهة، والاستثمار المادي من جهة أخرى، ناهيك بكتلة المشجعات التي تحمل جناحي هذه المعادلة وتبسطها على أرض الواقع، تترجم نتائج تنعكس بصورة مباشرة على الواقع بصورتها الإيجابية التي تؤدي بالضرورة إلى منفعة متبادلة، تحمل هوية واحدة (استثمار جيد) تنطبق عليه كل المقاييس الوطنية، وما نتحدث عنه هنا رأس المال الوطني الذي يستثمر من أجل البلد، وعوائده له وليس سواه من الاستثمارات التي (تجلد) البلد..!
وهذا الإسقاط يمكن أن يترجم و ينطبق تماماً على واقعنا، وما نحن به في سورية من واقع متردٍّ للاستثمار نتيجة الحرب الكونية والحصار الاقتصادي وما تمخض عنهما من ويلات اقتصادية وضياع فرص استثمارية كبيرة، وهروب للـ “رساميل” إلى خارج البلد، ناهيك بالرساميل التي بقيت ضمن البلد فهي (جبانة ) لا تحمل الكثير من الصفات الاستثمارية ذات التوجه الاستراتيجي (كما هو الحال في البلدان المماثلة لسورية وتعرضها لنفس الأزمة واتجاه رأس المال الوطني فيها لإنعاش الاقتصاد وتوفير مقومات القوة له)، وإنما حملت هوية الخوف والاتجاه برأس المال نحو مشاريع سريعة المردود وآنية..!
دون أن ننسى حجم رؤوس الأموال السورية التي تم ضخها في السوق المحلية وخاصة خلال السنوات الأخيرة من عمر الأزمة السورية نتيجة الإحساس بتغير الظروف، وقرب تحسن الأوضاع الاقتصادية وما قدمته الحكومة من مشجعات ومازالت تبحث عن المزيد من تقديم المزايا والمحفزات لتوسيع دائرة الاستثمار، وتأمين بيئة مشجعة، إلا أن ذلك يصطدم بشباك الواقع الصعب، والمردودية الإنتاجية (الصفر) إذا ما قورنت على المستوى الكلي، فالحاجة كبيرة لرؤوس أموال ضخمة تعمل على المستوى الاستراتيجي وليس الآني الذي يهرب من أول (خضّة) اقتصادية، أو حتى الاكتفاء بمشروعات صغيرة سريعة المردود لا تبني اقتصاداً قوياً، ولا تؤسس لحالة اقتصادية هويتها تنمية شاملة متصالحة مع رأس المال الحكومي واستثماراته بكل أبعادها واتجاهاتها.
وبقراءة بسيطة للواقع الاستثماري في سورية وخاصة خلال سنوات الأزمة، وحتى قبلها، لا يختلف الأمر عنها كثيراً فإننا نجد الحالة الاستثمارية صورتها واضحة باتجاه مشروعات صغيرة لديها فكر تنموي، تؤسس لحالة اجتماعية تلبي حاجات الأسر، تؤمن فرص عمل، وقد تكون مولدة لها باستمرار، لديها عائد مادي وربحية تتناسب مع حجم العمل ورأس المال على السواء، تستوعب كفاءات وخبرات محلية وخريجي الجامعات وغيرها، وتستطيع وصف ذلك بالكثير..!
لكن إذا ما أردنا المقارنة على المستوى العام فهي ما دون المستوى المطلوب من استثمارات كبيرة نستطيع من خلالها تحصين البيت الداخلي، وتوفير بيئة استثمارية مناسبة، تؤسس لتنمية مستدامة تشترك فيها كافة فعاليات المجتمع إلى جانب الحكومة، وبالتالي تحصين المجتمع وتقوية أهم ركائزه(الأسرة) والأهم بناء اقتصاد قوي قادر على الوقوف في وجه المتغيرات ..
لكن مشكلتنا اليوم استثمارات ضعيفة وخجولة تحاول اللعب بالميدان والتسديد في الشباك، لكنها تفشل من المحاولات الأولى لأن حالة الخوف والجبن هي الحالة المسيطرة في كافة حساباتها، وما نجده من استثمارات على أرض الواقع غالبيتها تنطبق عليها الحالة المذكورة، ويبقى لسان حالنا نحن السوريون نسأل عن رأس مال السوري الذي هاجر ليبني اقتصادات دول أخرى ..!
فهل العيب في الحكومة السورية وما تقدمه من حوافز ومشجعات، أم العيب في أصحاب رؤوس الأموال بأنهم باعوا وطنيتهم مقابل زيادة حفنة من الرساميل ومغريات لا تغني ولا تثمر مع نهاية العمر والأمر.. ؟!
طريقك الصحيح نحو الحقيقة