بين الاستغلال و الحاجة ..انتشار ظاهرة النباشين في شوارع المدينة..ومدير النظافة ل(غلوبال): اتخذنا عدة إجراءات للحد منها..و من غير المجدي حاليا الاستثمار في تدوير المخلفات والنفايات الصلبة
خاص حمص- إخلاص عباس
يتجمعون ويقلبّون بأيديهم اليافعة ليس كتباً وفروضاً للدراسة وإنما محتويات حاويات منتشرة في شوارع المدينة، التي يجوبونها بملابس رثة وأقدام شبه حافية ووجوه ملامحها غائبة، بحثاً عن مخلفات وبقايا يحملونها إلى أماكن تجميعها مقابل مبالغ مالية مغرية لأطفال وقاصرين حرمتهم ظروف الحياة من أبسط حقوقهم في التواجد مع أقرانهم على مقاعد الدراسة.
لايقف الحال عند أطفال و قاصرين وإنما أيضا بالغين وكبار سن دفعتهم قسوة الظروف الحالية وبشاعتها إلى حاويات القمامة تجنباً لسؤال الحاجة من الناس، واستجداء الحسنة من هنا وهناك، في ظل ظروف معيشية تكاد تكون الأصعب والأشد سيما بعد تدهور مستوى الدخل وارتفاع الأسعار الجنوني وغياب الحلول الحكومية الناجعة.
في المقابل يشتكي الأهالي في العديد من أحياء وشوارع مدينة حمص، من انتشار النباشين بشكل ملحوظ في حاويات القمامة بحثاً عن المخلفات الصلبة كالبلاستيك والحديد والكرتون وجميع المنتجات القابلة للتدوير وتجميعها في أماكن وزوايا استباحوها وجعلوا منها مراكز للفرز، ويؤكدون أن سوء الأمور دفعهم للتفكير ببيع منازلهم بسبب الضجة التي تحدثها الآلات التي يستخدمونها في أماكن تجميع هذه المخلفات، عدا عن انتشار القوارض جراء هذه الظاهرة.
مدير النظافة في مجلس مدينة حمص المهندس عماد الصالح أكد ل(غلوبال ) إن المديرية قامت بعدة إجراءات للحد من هذه الظاهرة وفق قانون النظافة رقم 49 لعام 2004 الذي ينص على فرض غرامة مالية قيمتها 500ل.س لكل من يقوم بنبش القمامة وتضاعف هذه الغرامة في المرة التالية، لافتاً إلى تمكن عناصر الضابضة لدى المديرية من تحرير العديد من المخالفات بهذا الخصوص إضافة الى مصادرة أدوات ووسائل النبش بما فيها 33 عربة، معتبراً أن مكافحة هذه الظاهرة تتطلب التعاون بين جميع الأجهزة المعنية والمجتمع المحلي.
و يبرز تساؤل حول الأسباب التي لا تدفع الحكومة والجهات المستثمرة إلى الاستثمار في مجال رفع القمامة وتدويرها والاستفادة منها لما تدره من أرباح كبيرة داعمة للاقتصاد، من خلال الاستفادة من هؤلاء النباشين وبالتالي تأطيرهم وتوظيفهم بشكل منظم، وهنا لفت المهندس الصالح إلى أن هذا الموضوع مناط بمديرية النفايات الصلبة بالمحافظة وليس من اختصاص الوحدات الإدارية ومجالس المدن، موضحاً في نفس الوقت أن هذا النوع من الاستثمار غير مجدي حالياً لارتفاع أجر اليد العاملة من جهة فضلاً عن قلة المخلفات والنفايات التي من الممكن إعادة تدويرها قياساً بالسنوات السابقة بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد، مشيراً إلى وجود مشروع رائد على مستوى القطر لجمع وفرز وبيع النفايات الورقية الناتجة عن عمل المؤسسات الحكومية، حيث قامت محافظة حمص بتجميع ما يقارب 200 طن من النفايات الورقية والتي يصل سعر الكيلو غرام الواحد لـ 1000 ل.س.
من جهة ثانية يبدو واقع النظافة في عدد من أحياء المدينة غير مرض للأهالي ممن يشتكون قلة عمال النظافة، و تراكم القمامة في الحاويات وما يسببه ذلك من انتشار الحشرات والقوارض وغيرها، وهنا اعتبر مدير النظافة أن واقع النظافة في المدينة جيد حيث يتم الجمع والترحيل اليومي دون انقطاع، أما أعمال الكنس والنظافة فإنها تتركز في الشوارع الرئيسية ومركز المدينة والأسواق التجارية، مؤكداً عدم القدرة على تغطية كامل المدنية بأعمال الكنس نظرا لمساحة المدينة الواسعة والنقص الكبير بعدد العمال والعودة الكثيفة للسكان في الأحياء المحررة، لافتاً إلى أن المديرية تدرس حاليا عدة عقود لتحسين واقع النظافة في المدينة.
وفي النهاية بات النباش جزءاً من حالة اجتماعية متدهورة جعلت حاويات القمامة ملاذا للبعض لسد العوز وكسب المال، وظاهرة تتطلب معالجة وحلولاً جدية في مقدمتها تحسين مستوى المعيشة الذي لم تعرف الحكومة حتى اليوم طريقاً للوصول إليه.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة