مشاريع صغيرة و”حلم” بوزارة تحميها…!
خاص غلوبال – سامي عيسى
الحديث عن قطاع المشروعات المتوسطة والصغيرة وحتى المتناهية في الصغر، له شجونه الخاص، لما له من أهمية اقتصادية كبيرة تجعله في سلم الأولويات للاقتصادات العالمية، والاعتماد عليها لتكون ركيزة الاقتصاد القوي، الذي يؤمن حاجات الأسواق المحلية، وترك المشروعات الكبيرة للتفكير الاقتصادي الذي يذهب بإنتاجيته نحو الأسواق الخارجية، مشكلاً حالة تصديرية ومورداً مهماً للعملات الأجنبية التي تعزز موقف البنوك الوطنية من جهة، والعملة الوطنية من جهة أخرى، وهذا ما تنبهت إليه الكثير من بلدان العالم، فسعت في أولى خطواتها التطويرية والتأهيلية وحتى التنموية، إلى الانتباه لقطاع المشروعات الصغيرة، والاعتناء به وتقديم كافة أوجه الدعم المادي والفني والتقني، إلى أن أصبح من القطاعات الرائدة في مجتمعاتها ليس على المستوى المحلي فحسب، بل تعدى الأمر بالوصول إلى أوسع الأسواق الخارجية.
هذا الحال في الدول التي شهدت نقلة نوعية في اقتصادها، والتي كان قوامها ماذكرناه، فالحال في سورية لا يختلف كثيراً من حيث الأهمية، بل الخلاف في طريقة التعاطي وتقديم الدعم، وكيفية التعامل مع هذا القطاع الذي يشكل قوة اقتصادية لا يستهان بها، وخاصة إذا علمنا أن قطاع المشروعات الصغيرة على تنوعها واختلاف هويتها تشكل حوالي تسعين في المئة من حجم الشركات المنتجة في كافة القطاعات ما يخوّلها تربع عرش القوة الإنتاجية المحلية دون غيرها، وهذه مسألة لايختلف عليها اثنان من حيث المضمون ولا من حيث الشكل، لأن الواقع يتحدث عن نفسه وفي كل الاتجاهات، وحديث الناس والمسؤولين في الحكومة السورية جلها حول المشروعات الصغيرة والمتناهية في الصغر ، وضرورة دعم القطاع والوسائل الممكنة التي تسمح بإعادة برمجته وتأهيله بما ينسجم مع تطلعات الحاضر والمستقبل، وغير ذلك من مفردات سمعناها كثيراً، لكن الترجمة على أرض الواقع ما زالت دون المستوى المطلوب، ولا تقارب حجم الأهمية الاقتصادية والاجتماعية لهذا القطاع .
هنا لا نريد أن نتجاهل ما قدمته الحكومة السورية لتطوير هذا القطاع انطلاقاً من وعيها لأهميته الاقتصادية، والدور الذي لعبه خلال الأزمة رغم ظروف الحرب والعقوبات الاقتصادية، فكانت الساحة الواسعة التي توافرت فيها حاجات السوق المحلية ولو بحدودها الدنيا، من السلع والمنتجات وأهمها الغذائية والنسيجية التي تشكل الميدان الواسع لنمو المشروعات وخاصة المتنامي منها، وهذه ظاهرة حصدت إيجابيات كثيرة لا بد من الاهتمام بها ليس على المستوى الشعبي، أو المجتمع الأهلي، بل على المستوى الحكومي لأن الأخير يحمل كل مقومات الدعم، وعمليات الترجمة على أرض الواقع سواء من دعم لوجستي أو مادي وحتى التقني ، بما فيها الهيئات والإدارات الموجودة في الوزارات والتي تعنى بقطاع المشروعات الصغيرة وغيرها، لكن هذا التبعثر والتعدد في الإدارات والجهات يفقدها أهلية المعالجة الفورية، ووضع العصي بالعجلات في أكثر من مكان، وبالتالي الحل الوحيد لنشهد ولادة اقتصادية كبيرة لقطاع أهميته بحجم وطن، لا بد من جهة واحدة فاعلة قادرة على ضبط إيقاع الاهتمام ورسم استراتيجيات التطوير والتحديث، التي تسمح بإنقاذ قطاع يستوعب غالبية العمالة الوافدة الى سوق العمل، وتتركز فيه قوة رأس المال والإنتاج ، وهذا لن يتم إلا بوجود جهة تتمتع بأوسع الصلاحيات تتمثل في إيجاد وزارة ترعى وتحمي قطاع المشروعات الصغيرة والمتناهية في الصغر ، وهذا جل ما نتمناه، مواطنون ومسؤولون وأهل القطاع على السواء.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة