اغتيال الزيتون … جريمة العصر
خاص غلوبال – شادية اسبر
لو كنت من يقرأ هذا العنوان الذي اخترته لمقالي هذا، “اغتيال الزيتون – جريمة العصر”، لفكرت للحظة أن الجريمة هي “عصر الزيتون” بمعنى استخراج الزيت منه، لكن العصر هنا هو الزمن الحاضر، فالجريمة توفق فظاعة جرائم عدة في عصور احتلال غابرة.
مشاهد الفيديو التي ينشرها ناشطون على وسائل التواصل الاجتماعي، مع كل موسم قطاف الزيتون، وبداية موسم الشتاء، والتي تظهر عمليات قطع جائرة لمئات الأشجار في منطقة عفرين بريف حلب الشمالي على يد مسلحين تابعين لميليشيا “فرقة الحمزة” المدعومة من تركيا، منذ دخولهم المنطقة بدعم من قوات الاحتلال التركي، هي الأخرى مشاهد تعتصر لها القلوب.
آلاف أشجار الزيتون المعمرة والمثمرة في عفرين، اغتالها الإرهابيون وداعميهم، يؤكد أبناء المنطقة، ولزيت عفرين وقع على مسامع السوريين، الذين اعتادوا أن يكون سيد موائدهم، وأساس “المونة” في مطابخهم، فبماذا يمكن وصف من يغتال كل هذا؟
يؤكد أبناء عفرين، أن إرهابيي ما يسمى “الجيش الوطني”، المؤتمر من القوات التركية، يقومون بتقطيع الأشجار التي يعدمونها، ويحمّلونها في شاحنات، ليتم نقلها إلى الأراضي التركية، حيث يُستخدم الجيد منها في عمليات صناعة الأثاث المنزلي “الموبيليا”، بينما تستخدم باقي الأجزاء في التدفئة وأعمال أخرى.
أشجار زيتون سوري معمّرة ومثمرة تشتهر بها المنطقة، يؤكد ناشرو المقطع أن المسلحين المرتزقة وعائلاتهم ارتكبوا جريمتهم بحق الآلاف منها، فقبل أيام وتحديدا في الأول من الشهر الجاري، نشر المجرمون مقطع فيديو يوثق جريمتهم بكاميراتهم، يتباهون بقطع شجرة زيتون ضخمة في قرية دير بلوط بريف عفرين، حيث أكد المتابعون للمقطع من أهالي المنطقة، أن عمر تلك الشجرة أكثر من 200 عام.
((الفيديو بتاريخ 1/12/2022 من دير بلوط)).
قطع وتجريف، حرق وسرقة، تتعرض لها حقول الزيتون في مناطق انتشار قوات الاحتلال التركي وتنظيماته، الاعتداءات المتكررة تسببت بقطع وحرق عشرات الآلاف من أشجار الزيتون المعمرة، بينهم أشجار تزيد أعمارها عن 500 عام.
وتسبب اجتياح القوات التركية وتنظيماتها الإرهابية لريف حلب العام 2018، بتهجير نحو نصف أبناء المنطقة، لتستولي عائلات المسلحين المرتزقة على ممتلكات المهجرين، وأبرزها حقول الزيتون، حيث أكدت تقارير ومعلومات من المنطقة أن الفصائل المسلحة استولت على جزء كبير من محصول الزيتون بقوة السلاح العام 2019، وقامت ببيعه بالتنسيق مع قوات الاحتلال، إلى التجار الأتراك، الذين بدورهم يقومون بتصديره إلى الأسواق الأوروبية على أنه منتج تركي.
عملية تدمير ممنهج لكل معالم المنطقة، فقبل زيتون عفرين، كانت الآثار هدف المعتدين، قبلهما أيضاً كانت العين الإرهابية على الصناعة السورية، ومشهد معامل حلب محملة بشاحنات السارقين الذين نقلوها إلى تركيا، مازالت حاضرة ، المشهد ذاته يتكرر في منطقة الجزيرة على يد المحتل التركي والميليشيات الانفصالية التابعة له، شاحنات الحبوب وصهاريج النفط، القطن والآثار، كل ما يمكن نقله يتم نهبه، ويُحرم منه الشعب السوري، الذي يعاني نقصاً حاداً في جميع متطلبات حياته، والمفارقة أن السارقين ذاتهم من ينادي بحرية وحقوق ومستقبل الشعب السوري، إلا أن شعارات الكذب هذه تسقط مع كل مشهد نهب وتدمير وقتل واعتداء، ومع كل إجراء اقتصادي قسري يخنق ما تبقى من الشعب السوري.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة