خبر عاجل
دفعة جديدة من بوابات الإنترنت… مصدر في السورية للاتصالات لـ«غلوبال»: 125 ألف بوابة قيد التجهيز والتوزيع انفراجات في أزمة النقل بعد أسبوع قاسٍ من المعاناة… عضو مكتب تنفيذي بمحافظة اللاذقية لـ«غلوبال»: المخصصات من المازوت تزداد تباعاً جهود متواصلة للتوعية ومنع الملوثات… مديرة الصحة المدرسية لـ«غلوبال»: الحرص على تعقيم الخزانات وضبط المقاصف المدرسية تردي جودة ونقص في وزن الربطات… عضو المكتب التنفيذي المختص بدرعا لـ«غلوبال»: أي سوء صناعة للخبز فهو حتماً ليس بالمخابز العامة سيارات “اللفة” تنتشر في السويداء… مدير النقل لـ«غلوبال»: لاتوجد إحصائية دقيقة بأعدادها لكنها تتجاوز العشرة آلاف سيارة أمطار غزيرة شهدتها طرطوس أعلاها في بانياس 108 مم… مدير مكتب الحمضيات لـ«غلوبال»: جيدة لجميع المحاصيل “ريد كاربت” يعيد الكاتب مازن طه إلى الكوميديا درع الاتحاد.. حطين يفوز على الجيش والشعلة يتفوق على الطليعة انفراج في أزمة المحروقات… عضو المكتب التنفيذي لقطاع المحروقات بدمشق لـ«غلوبال»:أزمة الموصلات في طريقها للحل الدكتور فيصل المقداد نائباً لرئيس الجمهورية
تاريخ اليوم
خبر عاجل | رأي و تحليل | نيوز

مواجهة مباشرة مع العصر الحجري ..الريف يجرد من خدماته وأهله متروكين لقدرهم…فأين صناع القرار من واقعه المأساوي

خاص غلوبال – رحاب الإبراهيم

بعد تردي أوضاع الكهرباء والتنقل في مدينة حلب، قررت ضب “الشناتي” والتوجه إلى ضيعتي الوادعة ريثما تنتهي أزمة المحروقات الشديدة، مُنيت النفس بقضاء إجازة مريحة مع الأهل والأحبة، ونيل قسط من الراحة بعيداً عن ضجيج المدينة والركض وراء لقمة العيش، مع التحوط المسبق بواقع الخدمات المتردي في القرية المهملة كغيرها من أرياف المحافظات كافة، لكن لم اعتقد أني سأكون في مواجهة مباشرة مع “عيشة” العصر الحجري، الحاضرة بقوة بكل تفاصيل الحياة المقلقة، التي أصبح الأهالي يتململون منها وخاصة بعد ما حد نقص المحروقات وغلائها من تنقلاتهم والزمت من يبحث عن لقمة العيش بعيداً عن الوظيفة وراتبها القزم، القعود في البيت، ريثما تنجلي هذه الغمامة السوداء.

وحدها لمة الأهل بقرب مدفأة الحطب، الذي ارتفع طنه إلى قرابة 800 ألف ليرة، مع اشتغال كثر في التحطيب لتأمين قوت اليوم، خففت وطأة الخدمات البدائية، وأن كان متوقعاً سوء واقع الكهرباء والبنزين والمازوت، اللذان سجلا أرقاماً أعلى في سوق القرية السوداء، حال جميع السلع، التي ضربتها موجة غلاء جنونية، مع فقد بعض المواد كالمتة، المشروب الشعبي، الذي لا يقدر أهل القرية عن التوقف عن شربه، ما حكم الباعة في جيوبهم الفارغة أصلاً، وقد أوقعهم هذا الأمر في حرج أمام الضيوف العارفين بالحال، لينتج عن ذلك ظواهر غريبة كاللجوء إلى دق أبواب الأحبة أو من يمونون عليهم لاستعارة كمية قليلة من المتة، التي غردت خارج حسابات عائلات كثيرة، لترتفع الأصوات المطالبة بمقاطعتها واستبدالها بمشروبات عشبية متواجدة في الأراضي كـ”الزوفا” سترا لماء الوجه وحفاظاً على القروش المتبقية وخاصة أن هذا المشروب بات يكلف مئتي ألف ليرة شهرياً.

وعموما يبقى كل ذلك محمولاً كونه الظرف الصعب عاماً، لكن من غير المعقول حرمان أهل القرية وقرى كثيرة أخرى من المياه، بحيث أصبح الظفر بحمام ساخن ولن نقول غسيل الوجه واليدين بصورة مستمرة حتى لا نتهم بالمبالغة حلما، بعد الاضطرار إلى شراء المياه، بأسعار خيالية وصلت إلى 100 ألف ليرة للصهريج، فالمياه لا تصل إلى البيوت إلا ما ندر، وأن جاءت تكون مياه ملونة غير نظيفة وربما تكون غير صالحة للشرب، وحجة المعنيين من سنوات، قلة المحروقات الموردة إلى مدينة حماه والشبكات المتضررة، فهل يعقل عدم المقدرة على حلحلة هذه القضية الهامة أقله بالعمل على توصيل المياه في فترة وصل التيار الكهربائي،ما يبين سوء التنسيق بين مديرتي الكهرباء والمياه في القرى الغارقة في الظلام والفقر بفعل سياسات أهملت الأرياف على نحو دفع الكثيرين للإعراض عن زراعة أراضيهم، التي كانت زوادتهم لمواجهة الغلاء والتقصير في معالجة الأزمات المعيشية والاقتصادية، وهذا أحد أسباب تأزيم حالنا، فكما هو معروف أن الأرياف تشكل الخزان الغذائي للمدن وليس العكس.

واقع القرى الصعب في مدينة حماة يمثل حال الأرياف في جميع المحافظات السورية المتروكة لقدرها منذ عقود وليس خلال الفترة الماضية فقط، وهذا ناجم عن خلل واضح في السياسات الاقتصادية، التي اسقطت الأرياف من الحسابات الاستراتيجية ولم تخطط لإقامة مشاريع استثمارية في القطاع الزراعي أو حتى منشآت سياحية حسب واقع كل منطقة وقرية، فالطبيعة الخلابة لا تزال بكراً ولم تؤهل بما ينعكس بالفائدة على أهالي الأرياف ومعيشتهم، التي يحاولون تحسينها بطرقهم الخاصة وبأساليب فردية وعائلية من دون تخطيط حكومي أو مد يد داعمة باستثناء منح قروض لكن بشروط تعجيزية وفوائد كبيرة، من دون نكران أن الفلاح في عقود ماضية كان يحظى بدعم كبير في ظل الاقرار رسمياً بأن اقتصادنا زراعي بامتياز، بالتالي نقطة البداية العودة إلى منحه الاهتمام ذاته وإعطاء القطاعين الزراعي والصناعي الرعاية المطلوبة والتوجه صوب تحقيق التنمية الريفية وتشجيع إقامة مشاريع استثمارية نافعة في الأرياف، التي ستبقى تحت وصمة العصر الحجري ما لم تصحح تلك السياسات الخاطئة ويتخذ قرارات نافعة تضمن تثبت أبناء الريف في أرضهم ومنعهم من الهجرة إلى المدن بحثاً عن وظيفة محدودة القروش، بينما بالإمكان عند استثمار ثروات الأرياف الكامنة توليد فرص عمل عديدة مع مد المدن بمستلزماتها من المنتجات الزراعية، فهل سيبادر صناع القرار إلى وضع الأرياف والقطاع الزراعي في دائرة الاهتمام أم أن الاهمال والتقصير سيحضر كالعادة في هدر غير مبرر لإمكانات كبيرة يمكنها أن تقلب المعادلة وتحول ضعف اقتصادنا إلى قوة فعلية تطوق الحصار وتنفذ المعيشة من التأزيم الحاصل، فهلا تلتفت أقلام المعنيين الخضراء إلى الريف وخيراته طالما كان ولا يزال مكمن الخلاص وبركة العيش.

طريقك الصحيح نحو الحقيقة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *