“المدن الصناعية” هوية متكاملة داعمة للاقتصاد في سورية
خاص غلوبال – سامي عيسى
مما لاشك فيه أن قوة الاقتصاد الوطني لأي دولة تأتي من خلال تنوع موارده, وتعدد مصادر الدخل فيه، لأنها تؤمن منظومة الحماية المطلوبة لتعزيز موقفه خلال الأزمات أو الهزات الاقتصادية التي تحدث، والتي علمتنا الأزمات الماضية ودروسها، البحث دائماً في تأمين موارد ومصادر متعددة للحفاظ على قوة الاقتصاد الوطني، وهذه مسألة الجميع يتدارك حساباتها ويفرض الآلية المطلوبة للتعامل معها وتحقيق نوع من التوازن لها.
ومن أولى هذه الحسابات التي تنبهت عليها الدول مكون المدن الصناعية، أو المناطق الصناعية والتي تعتبر أهم مقومات المنتج الصناعي الذي يساهم في تعزيز القوة الانتاجية الصناعية بكل مفرداتها السلعية، وما يتبعها من حالة اجتماعية مستقرة للأسواق القريبة في التجمعات السكانية، والتي تجاور بطبيعة الحال تلك المناطق، وهذا بدوره يمتد إلى مساحات جغرافية جديدة تكون بمثابة استهداف مباشر لها، سواء من حيث التسويق, أم من حيث الاستثمار، على اعتبار أن المدن الصناعية من أكبر المواقع الجاذبة للاستثمار لما تؤمنه من بيئة عمل خاصة، وبنية تحتية مناسبة تسمح بتنوع النسيج الصناعي فيها، وتفرد مزايا جاذبة من حيث الاعفاءات الضريبية والتشريعات المرنة, والمزيد من تبسيط الإجراءات التي تكفل حرية العمل وانسيابها بصورة مشجعة لاستقطاب رأس المال المحلي والأجنبي على السواء.
والأدلة كثيرة في سورية فهناك المدن الصناعية والمناطق التي سعت الدولة السورية لتفعيلها، وتأمين بيئة العمل فيها لتكون الداعم الأكبر لقوة الاقتصاد الوطني، من خلال النسيج الصناعي المتنوع فيها، وما تشكله من أرض خصبة لزيادة الاستثمارات وتوظيفها في مشروعات استراتيجية، تتعاون فيها الدولة مع الشركاء من رجال الاعمال والمستثمرين لتكون البيئة المولدة لمصادر الدخل, وحاضنة لاستيعاب الآلاف من اليد العاملة الوافدة الى سوق العمل سنوياً.
والأهم أن تجمعات المدن الصناعية ساهمت في الحفاظ على الغطاء النباتي والمساحات الواسعة من الأراضي الزراعية، التي كانت المقصد الأساسي للمستثمرين وغيرهم، ناهيك عن ايجاد نظام صناعي آخر يقوم على اتباع صناعة جديدة، تكمن في الاستفادة من المخلفات الانتاجية المتجمعة في المدن وإعادة تدويرها بصورة علمية، تحافظ على منتج صناعي وفق المواصفات والمقاييس العالمية، إلى جانب عنصر مهم يكمن في الحفاظ على البيئة والتخفيف من الآثار السلبية للتجمعات الصناعية على البيئة, وهذه أهم النتائج المتحققة من اتباع أسلوب المدن الصناعية وتطويرها بما يحقق المنفعة المادية والاقتصادية لجميع الأطراف.
وفي سورية نقول أن الدولة السورية، ومنذ عقود مضت وعت هذه المسألة وسعت لتكوين نسيج صناعي متميز، من خلال إحداث العديد من المدن الصناعية نذكر منها على سبيل المثال” المدينة الصناعة بعدرا في ريف دمشق, والمدينة الصناعية في منطقة حسياء في محافظة حمص , والشيخ نجار في حلب” وغيرها من المدن الصناعية المنتشرة في المحافظات السورية, دون أن ننسى مكون مهم جداً لا يقل أهمية عن المدن ألا وهو قطاع المناطق الصناعية التي غالباً ما تتواجد على أطراف المدن والتجمعات السكانية، حيث يتوافر في سورية أكثر من 140 منطقة صناعية تضم آلاف الورش والمنشآت، التي تعمل في كافة المجالات الصناعية والخدمية وتشكل حالة اقتصادية واجتماعية تؤمن حالة استقرار اقتصادي لمسنا أهميتها خلال سنوات الأزمة الحالية والحرب الكونية التي تتعرض لها سورية فكانت الملاذ الآمن لآلاف المستثمرين والصناعيين وأصحاب الورش والمنشآت الخدمية، التي وفرت مستلزمات المعيشة وحاجة الأسواق، رغم تعرض العديد منها للاستهداف من قبل العصابات الارهابية المسلحة وداعميها من الدول المعادية لسورية.
ومن باب العلم وفق ما أكدته وزارة الإدارة المحلية والبيئة حول نتائج العام الحالي فقد بلغ الانفاق الاجمالي على البنية التحتية والاستملاك في المدن الصناعية أكثر من 105 مليارات ليرة، نصيب عدرا الصناعية منها 53,2 مليار ليرة، وحسياء أكثر من 23,2 مليار ليرة، و29,1 مليار ليرة للشيخ نجار في حلب , مع الإشارة إلى أن حجم الايرادات الاستثمارية قدرت قيمته بحوالي 80 مليار ليرة في عدرا الصناعية، وفي حسياء أكثر من 32 مليار ليرة، وفي الشيخ نجار زادت قيمته على 51 مليار ليرة، وبذلك تتجاوز قيمة الايرادات المذكورة سقف 163 مليار ليرة، إلى جانب توفير أكثر من 140 ألف فرصة عمل.
وبالتالي هذه المكون الاقتصادي المهم ألا يستحق الرعاية أكثر وتقدم كافة التسهيلات لاستمرار هويته الداعمة للحالة الاقتصادية والاجتماعية في سورية..؟!
طريقك الصحيح نحو الحقيقة