خبر عاجل
دفعة جديدة من بوابات الإنترنت… مصدر في السورية للاتصالات لـ«غلوبال»: 125 ألف بوابة قيد التجهيز والتوزيع انفراجات في أزمة النقل بعد أسبوع قاسٍ من المعاناة… عضو مكتب تنفيذي بمحافظة اللاذقية لـ«غلوبال»: المخصصات من المازوت تزداد تباعاً جهود متواصلة للتوعية ومنع الملوثات… مديرة الصحة المدرسية لـ«غلوبال»: الحرص على تعقيم الخزانات وضبط المقاصف المدرسية تردي جودة ونقص في وزن الربطات… عضو المكتب التنفيذي المختص بدرعا لـ«غلوبال»: أي سوء صناعة للخبز فهو حتماً ليس بالمخابز العامة سيارات “اللفة” تنتشر في السويداء… مدير النقل لـ«غلوبال»: لاتوجد إحصائية دقيقة بأعدادها لكنها تتجاوز العشرة آلاف سيارة أمطار غزيرة شهدتها طرطوس أعلاها في بانياس 108 مم… مدير مكتب الحمضيات لـ«غلوبال»: جيدة لجميع المحاصيل “ريد كاربت” يعيد الكاتب مازن طه إلى الكوميديا درع الاتحاد.. حطين يفوز على الجيش والشعلة يتفوق على الطليعة انفراج في أزمة المحروقات… عضو المكتب التنفيذي لقطاع المحروقات بدمشق لـ«غلوبال»:أزمة الموصلات في طريقها للحل الدكتور فيصل المقداد نائباً لرئيس الجمهورية
تاريخ اليوم
خبر عاجل | رأي و تحليل | نيوز

جديدها حبيس الواجهات.. ملابسنا بين التصليح والرتي والتدوير والإعارة

خاص غلوبال – شادية اسبر 

ثمن كل شيء يرتفع بشكل جنوني للأمانة الأمر لا يقتصر على سورية ، فلا أحد في هذا العالم نجا من ارتفاع الأسعار ، لكن الشعب السوري المحاصر يعاني أضعاف غيره ، إضافة لتدني الأجور الكبير مقارنة بباقي الدول ، ما يجعل الآثار كارثية على الحياة اليومية لمواطن حائر في اختراع طرق تدبير أموره وأسرته.

مع كل يوم تستغني الأسرة السورية عن مادة ، تضعها في تصنيف “الكماليات”، يكذب الأب على نفسه قبل أن يقدم تبريراته لأبنائه عند عجزه عن تأمين متطلباتهم ، تقوم سيدة المنزل بكل ما تمتلك من طاقة الأنوثة باختراع البدائل ، عند التسوق ، و تأمين مستلزمات المدرسة ،  وفي إعداد وجبات الطعام ، والمشكلة الأصعب اليوم تأمين الملابس والأحذية ، في شتاء قارس انعدمت فيه جميع وسائل التدفئة . في العام الماضي كانت الخيارات تشمل سوق البالة ، العام الحالي خرج هذا أيضاً من التوجه ، فأسعار البالة باتت خارج الطاقة ، حيث تقول سهام إن سعر “الجاكيت الشتوي” في بالة من الدرجة المتوسطة ، يتراوح بين 125 و150 ألف ليرة ، ما يعادل راتب موظف من الفئة الأولى حاصل على ترفيعات عدة خلال عمره الوظيفي.

سعاد أكدت أنها وخلال جولتها في الأسواق وجدت محلات تبيع الملابس المستعملة بأسعار مرعبة ، حيث صادفت في إحداها جاكيت من الفرو بسعر 400 ألف ليرة، لم يكن أمام المرأة الخمسينية سوى خزانة ملابسها لكسوة أولادها ، تبحث عن قطع قديمة أو بمقاسات لم تعد تناسبها لتأخذها إلى خياط بجوار منزلها الكائن في حي شعبي على أطراف العاصمة.

في المحل الذي تغطي واجهته لوحة من الورق المقوى كُتب عليها بخط اليد عبارة “تصليح جميع أنواع الملابس”، طاولة في الركن الأيسر ، عليها أكوام تتداخل مع بعضها لترسم لوحة سوريالية تعكس واقعاً مريراً ملوناً ، بلا وضوح في شكله ، أو ماهيته ، وحتى بلا أفق ما سيكون عليه، إنها بقايا ملابس تم تقصير بعضها، وتضييق أخرى ، وتوسيع ثالثة.

يقول باسم (الخياط الثلاثيني): أستعمل هذه القطع في ترميم ملابس الزبائن ، والذين غالبيتهم من الجوار القاطنين بمحيط المحل ، وعن حجم العمل ونوعية الطلبات التي ترده ، يؤكد “الموظف في مديرية الصحة” أن كمية كبيرة جداً من الملابس تدخل يومياً إلى محله ، البعض يحتاج للإصلاح فقط ، والكثيرون يطلبون تعديل كامل التفصيلة ، أحياناً لتناسب الموضة كطالبات الصبايا ، وأخرى من السيدات اللواتي يطلبن تصغير ملابس أولادهن الأكبر لتناسب الأصغر ، أو تغيير ملابسهن لتناسب أبنائهن.

  تدوير الملابس، بات خياراً شبه وحيد للغالبية العظمى، يؤكد الخياط الذي يشجع على ذلك بالقول: إن القماش القديم أفضل بكثير من الجديد ، ورغم رداءة النوعية الأسعار جنونية ، يضيف خلال حديثه عن العمل : إن وقته لا يسمح إلا بعد الظهر ، وتتحكم به ساعات تقنين الكهرباء ، وقد توقف عن تشغيل المولدة أيضاً لارتفاع سعر المحروقات ، لذا يتراكم العمل ويضطر لعدم الوفاء بالتزاماته للزبائن الذين يلحّون على إنجاز طلباتهم بأسرع وقت.

 في مشهد آخر خارج محلات تصليح ورتي وتدوير الملابس ، تتوسع عادة الاستعارة ، فلا تخجل لبانة من الحديث بأنها وأخواتها يرتدين الملابس ذاتها، ويتشاركن مع والدتهم في بعض القطع رغم اختلاف المقاسات ، ليصل الأمر إلى الاستعارة من رفيقاتها ، أو من بنات جيرانهم.

تقول الطالبة في السنة الثالثة بكلية الحقوق :إن الأمر بات منتشراً بين الصبايا ، فهي تستعير وتُعير أيضاً ، حيث لا يمكن أن يكون لدى أي منهن ما يكفي من ملابس لتغطية دوامهن اليومي ، أو حتى مشاوير بسيطة يقمن بها ، أو سهرات ضيقة لعيد ميلاد هنا و”جمعة” هناك ، تفتح لبانة باباً آخر في حديثها عن تدبير الملابس بعيداً عن الشراء غير المقدور عليه ، عندما تقول بمرح ممزوج بغصة إن لدى جدتها ماكينة قديمة ، وهي تقوم بمساعدة أبنائها وأحفادها في تصليح ملابسهم ، تزيين بعضها ، وتغيير شكل أخرى بما يوحي أنها جديدة متجددة ، وتضيف: “تقوم أم عدنان بهذا العمل المضني رغم كبر سنها ، ووضعها الصحي ، ولكن ــ الحمد لله ــ لدينا ملابس قديمة يمكننا تدويرها ، فهناك من لا يملك حتى هذا الخيار”.

هنا أسأل عن عادة تجميع الملابس نهاية كل موسم وتوزيعها؟ هذه أيضاً تلاشت مع ارتفاع معدل الفقر ، واتساع رقعة وأعداد الفقراء ، وتآكل الطبقة الوسطى من ذوي الدخل المحدود لصالح الطبقة الفقيرة والأكثر فقراً ليكون مشوار  واحد إلى أحد أسواق الملابس كفيلاً بأن نعلم أن شراء الجديدة ، وخاصة الشتوية منها ، بات حلماً ، ودخلت هذه السلعة الضرورية إلى قائمة “مكملات الحياة”، فكيف سنكمل هذا الشتاء ، مع اشتداد عاصفة الغلاء ؟!

طريقك الصحيح نحو الحقيقة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *