لارحمة للمتاجرين بصحتنا..!!
خاص غلوبال ـ علي عبود
لايجوز التهاون مع المتاجرين بصحتنا، بل يجب التشهير بهم علناً عبر وسائل الإعلام، وبوضعهم على قائمة سوداء تشرف عليها غرف التجارة والصناعة في حال كان الموقوف من التجار والصناعيين.
ونحن مع من يطالب بإرغام من يتاجر بالمواد الفاسدة بتناولها ليوم واحد على الأقل كيلا يكرر فعلته في حال أفلت من العقاب الفعلي، أي دفع الغرامة المالية ولم يُسجن.
ونرى أن دوريات حماية المستهلك تقوم بدور في غاية الأهمية بضبطها لآلاف الأطنان من المواد الفاسدة والعفنة، أو منتهية الصلاحية، التي كانت ستشق طريقها إلى موائد ملايين السوريين، ملحقة بهم شتى أنواع الضرر الصحي، بما فيها التسمم المؤدي أحياناً إلى الوفاة.
وعلى الرغم من آلاف الضبوط التي تنظمها دوريات حماية المستهلك، فإن إفلات عدد آخر من المتاجرين بصحتنا من الضبط بالجرم المشهود احتمال قائم، بل وكبير جداً، بدليل ضبط كميات كبيرة منها في محلات باعة المفرق،ويصل استهتار بعض المتاجرين بصحتنا إلى حد أنهم لايكلفون أنفسهم بتحمل تكلفة تزوير تاريخ الصلاحية معتمدين على استهتار غالبية المواطنين بصحتهم، فقلة تتأكد من تاريخ الإنتاج والصلاحية بشكل لايمكن التلاعب فيه يدوياً.
والسؤال الذي لم تجب عليه مديريات حماية المستهلك في وزارة التجارة الداخلية في أي محافظة هو: ما مصدر السلع الفاسدة ومنتهية الصلاحية؟
إذا كانت السلع معبأة في تنك كزيت الزيتون مثلاً، فهي حينها من فعل المتاجر المجرم، ويتحمل بموجبها المسؤولية الكاملة منفرداً، أما إذا كانت السلع معروفة المصدر، فإن التحقيق مع المتاجر المجرم الذي يتلاعب بتزوير صلاحيتها يجب أن يكون بسؤاله: من أين اشتريتها؟وإذا ثبت أنه اشتراها دوغمة من مصنع أو مستورد ما، فيجب أن يُعاقب كل من اشترك بالمتاجرة بصحة المواطن، من الصانع والمستورد مروراً بالمزور، وانتهاءً بباعة المفرق، ترجمة لمبدأ أو شعار: لارحمة للمتاجرين بصحتنا!
ومن الملفت أننا لانعرف مصير المتاجرين بصحتنا، فكل ما نعرفه أن وزارة التجارة أحالتهم إلى القضاء، في حين يجب على الوزارة أن تعمم بمذكرة بين الحين والآخر الأحكام القضائية الصادرة بحق المتاجرين بصحتنا، كي نكون على بيّنة فيما إذا كانت زاجرة ورادعة، لأن تعميمها ونشرها في الإعلام، وعلى صفحة وزارة التجارة، ستردع مستقبلاً من تراوده أفكار جهنمية لإلحاق الضرر بصحة ملايين الأسر السورية.
ولكي ننتهي من موضوع (نهاية الصلاحية)، ولكي لايبيع بعض الصناعيين والمستوردين موادههم التي لم تعد صالحة للاستهلاك البشري لمشبوهين، فقد آن الآوان لتُلزم وزارة التجارة بالتنسيق مع غرف الزراعة والصناعة، جميع الصناعيين والمستوردين ببيع المواد عبر عروض مغرية في صالات السورية للتجارة قبل ستة أو ثلاثة أشهر على الأكثر من انتهاء صلاحياتها وبنصف ثمنها كما يحصل في معظم دول العالم،وعندما يصل عدد المخالفات الجسيمة إلى أكثر من 300 في دمشق خلال أسبوع واحد، فهذا يعني أن المتاجرين يراهنون على عدم قدرة دوريات الرقابة على ضبط الأسواق إلا حسب إمكاناتها المحدودة، وبالتالي فالسؤال الدائم: ما الحل العملي والفعّال؟ .
نكرر مقترحنا القديم جداً، الرقابة الفعلية تبدأ من المنبع، أي من المصنّع ومن المستودع، وليس من المصب أي الأسواق، وبما أن وزارة الصناعة لديها مراكز اختبارات، فالمطلوب قرار حكومي يمنع تداول أي سلعة مصنّعة محلياً إن لم تحمل شارة الجودة، مايتيح لدوريات الرقابة مصادرة أي سلعة غير ممهورة بشارة الجودة، أما بالنسبة للسلع المستوردة فيجب أن تحمل أيضاً شارة وزارة التجارة الداخلية لوضع حد لما يُسمى ببضائع مجهولة المصدر.
الخلاصة: لا يكفي ضبط المتاجرين بصحتنا بالجرم المشهود، بل يجب التشهير بهم بعد صدور الأحكام القضائية بحقهم، ووضعهم على اللائحة السوداء لمدة زمنية تتناسب مع جريمتهم، فلا رحمة لمن يهدد عائلاتنا بالمرض والتسمم وبالموت، والأهم بيع السلع التي اقتربت نهاية صلاحيتها بنصف ثمنها مايتيح لملايين الأسر شراءها واستهلاكها سريعاً.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة