ازدواجية السخاء الإنساني…وزلزال سورية؟!
خاص غلوبال – سامي عيسى
قبل الدخول في تبعات الكارثة الزلزالية التي أصابت سورية وشريكها في الجغرافية(التركي) لابد من القول إن الطبيعة الإنسانية تنتعش وجدانيتها ومشاعرها وقت الأزمات والكوارث، وتنتهي فيها كل الخلافات وحالات البغض السياسي وغيرها، وترتسم فيها كل حالات الوجدان التي تحمل التضامن والإخاء الانساني، وتتعالى على الخلاف مهما كان نوعه وتظهر حالات التعاون، هكذا هو المفروض، وهذه هي الطبيعة الإنسانية، لكن للأسف مع الواقع الحالي لكارثتنا الزلزالية ”نحن في سورية“وطريقة التعاطي معها من قبل الشركاء في إنسانيتنا مختلفة جداً، ولاسيما الدول التي تعتبر نفسها الحامية والراعية والمدافعة عن حقوق الانسان في الحرية والمأكل والملبس والانتماء، وغير ذلك من مشاعر الانسانية التي فرضت حالة من التشوه أظهرتها الكارثة، مقابل ماتم التعاطي مع شريكنا في الزلزال والمصيبة والجغرافية ”الجانب التركي“ حيث لاقى كل أسباب الدعم من حماة الإنسانية وخاصة معظم دول أوروبا وأمريكا التي تتغنى بإنسانيتها المشوهة، وبخلوا على سورية حتى ببعض كلمات التعاطف خوفاً من ”قيصر ومن يحمي قيصر“ في الوقت الذي تخرج فيه الحالات الإنسانية من كل القيود، وتكسر كل حواجز القوانين الأرضية، وتظهر فيها الحالة الانسانية في الطبيعة البشرية، التي تتخطى فيها كل الحدود المصطنعة، في الجغرافية والتاريخ ويبقى الوجدان الانساني سيد الموقف.
لكن في حالة الزلزال والمصيبة المشتركة مع الجار التركي اختلفت الحكاية، وأظهرت الكثير من المفارقات الأخلاقية والإنسانية التي تحكمها الطبيعة الإنسانية وطريقة التعاطي مع مفرداتها والظهور ”المخجل“ للكيانات والتجمعات الدولية والتي تباكت طيلة سنوات الحرب السورية على الشعب السوري من خلال فبركات مزورة ومفتعلة، لا تحمل من الصحة بشيء وتطلق صيحات الإغاثة المزورة، وصمتها اليوم أمام هذه الكارثة، حيث غابت عنها كل مشاعر الانسانية التي تلملم جراح المنكوبين والمتضررين من كارثة (الزلزال) الشريك مع الجانب التركي الذي تهافتت عليه دول التبعية الأمريكية صاحبة(قيصر) وعصاه الغليظة التي منعت بقوته وسطوته اللاأخلاقية مقومات الدعم الإنساني لسورية المنكوبة، ولملمت جراحها بإمكاناتها المتواضعة، وما تبقى منها في زمن سنوات حرب أنهكت اقتصادها ومقومات بنيتها.
لكن الصمت المدهش لمعظم الدول الأوروبية ومن سار في ركبها بخلو بمشاعر التعاطف الإنساني أمام كارثة طبيعية شردت الآلاف من الأسر، وحصدت آلاف الضحايا، في الوقت الذي تتخطى فيه المشاعر الإنسانية كل حدود القوانين،بالمقابل قدموا لشريكنا التركي في المصيبة كل أسباب التعاطف والدعم الإنساني والمادي، فما هذه الازدواجية البعيدة كل البعد عن الأخلاق، والمعاملة الإنسانية، والتي تتصف بالحقد والكراهية للشعب السوري ودولته، رغم وجود المئات من المنظمات الإنسانية وهيئات المجتمع المدني، التي ”تفلت“ من كل القوانين وتقدم حالات الدعم الإنساني في كل الدول التي امتنعت عن تقديم الواجب الإنساني، وحتى في أصغر مشاعره وتعابيره، فأي مجتمع انساني ”يتنطحون به“، وأي أخلاق يتعاملون بها، حتى في الملمات والمصائب يظهرون حقدهم وكرههم للشعب السوري.
بالمقابل لدى الشعب السوري ودولته الكثير من الأصدقاء والأشقاء الذين ترجموا مشاعرهم الإنسانية إلى مواقف حقيقية على أرض الواقع، فكانت المساعدات والعواطف الانسانية في المواساة في لملمة الجراح السبب الأكبر في تخفيف الآلام، وتوفير أعمال الإغاثة التي وصلت خلال الساعات الأولى، فلا قيصر أرهبهم،ولا عصى الظلام الأمريكي أبعدتهم عن الواجب الإنساني والأخلاقي، أفعالهم سبقت وجدانيتهم، دول عربية وشقيقة في الإنسانية، وشريكة في الجغرافية والتاريخ ووحدة المصير، لن اسمي دولة بعينها حتى نكون منصفين أمام ما قدموه من مساعدة في المادة وتعاطف في الإنسانية الخالصة.
سورية ليست وحدها معها الكثير من الشركاء والأصدقاء، دول ومنظمات مدنية وأهلية، تكاتفوا معها وحملوا معها آلام المصاب، وقدموا واجب العزاء، وأظهروا كل جوانب السخاء الإنساني،مقابل سقوط مدوي لأهل النفاق الإنساني في المجتمعات الغربية والأمريكية ومن لف لفيفهم من أهل الازدواجية في الإنسانية والأخلاق.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة