خبر عاجل
البلديات قلقة من الهزّات! الرئيس الأسد يصدر مرسوماً تشريعياً بعفو عام عن جرائم الفرار والجنح والمخالفات المرتكبة قبل تاريخ 22.9.2024 معدلات الانتحار أعلى بـ 8% عن العام الماضي… أخصائية نفسية لـ«غلوبال»: زيادة الحالات نتيجة لضغوط نفسية واجتماعية تحديث المخابز وجودة الرغيف عدسة غلوبال ترصد أحداث مباراة الاتحاد أهلي حلب والجيش انخفاض درجات الحرارة… الحالة الجوية المتوقعة الذهب مستمر في تحطيم الأرقام القياسية محلياً… محلل مالي لـ«غلوبال»: بتنا أقرب إلى سعر 3 آلاف دولار للأونصة بعد تحديد موعد التسجيل… عضو المكتب التنفيذي المختص بريف دمشق لـ«غلوبال»: توزيع مازوت التدفئة اعتباراً من الشهر المقبل والأولوية للمناطق الباردة أرقام فلكية لأجور قطاف وتخزين التفاح… رئيس اتحاد فلاحي السويداء لـ«غلوبال»: تأخر صدور التسعيرة انعكس سلباً على واقع المحصول كندا حنا في عمل جديد بعنوان “عن الحُبّ والموت” من إخراج سيف الدين سبيعي
تاريخ اليوم
خبر عاجل | رأي و تحليل | نيوز

التدعيم على حساب المنكوب أم الحكومة…ولماذا إهمال خيار الضواحي السكنية المقاومة للزلازل؟

خاص غلوبال ـ علي عبود

من المؤسف جداً اختلاق منغّصات جديدة للمنكوبين بزلزال 6/2/2023 الذين خسروا كل شيء بطرفة عين،
بالنسبة للوحدات الإدارية،لايكفي أن تتشرد عشرات الآلاف من المواطنين في الشوارع ومراكز الإيواء وعند الأقرباء، فكانت لهم بالمرصاد لتزيد من معاناتهم ونكبتهم، بل إن بعض الجهات كتجار ومتعهدي البناء والمقاولين وجدت فيهم مصدراً جديداً للإثراء السريع وكأنّهم صيد ثمين أتى به الزلزال.
 
من الطبيعي أن يوجد من بين الذين خسروا منازلهم، شريحة من الأغنياء والمقتدرين مالياً، ولكنهم قلّة لا يهمها دفع عشرات الملايين لترميم أو تدعيم منازلها بأسرع مايمكن، ولن تجد هذه القلة بدفع أتعاب رسوم للمهندسين مليون ليرة أو أكثر أمراً مهماً، فهو بالنسبة لها ليس بالمبلغ الكبير، ولكن ماذا عن عشرات الآلاف الذين خرجوا شبه عراة من منازلهم وهم أصلاً من أصحاب الدخل المحدود.

لقد اختلقت الوحدات الإدارية في المحافظات المنكوبة مشكلة غير مطروحة حالياً بالنسبة للمتضررين من الزلزال إلا بالنسبة للأثرياء، وهي رسوم التقارير الهندسية الخاصة بالكشف عن وضع المنازل المتصدعة قبل المباشرة بترميمها.

نعم من المريب إشغال المتضررين بجدل حول تخفيض رسوم استصدار التقارير الهندسية الخاصة بالكشف عن وضع المنزل المتصدع أو المتضرر وتحديد المنازل التي بحاجة إلى تدعيم أو ترميم.

ومن الغريب جداً أن تجزم الوحدات الإدارية بأن التدعيم يتم على حساب المتضرر، وأن تجزم فروع نقابات المهندسين بأن تكلفة التقرير مليون ليرة وفق القانون وبأنها ملزمة بتقاضي هذا المبلغ، والغريب أكثر أن وزارة الإسكان بدلاً من أن تعلن إعفاء المنكوبين من الرسوم وعدت بتخفيضها لا بإلغائها..

أما نقيب المهندسين السوريين فوعد بإعفاء كل بناء مرخص سابقاً من أي رسم رخصة تدعيم جديدة، ووعد بإيجاد صيغة لأتعاب المهندس بالنسبة لتقارير السلامة الإنشائية، مؤكداً بأنه لاتستوفى أي أتعاب هندسية لقاء إعداد وتصديق هذا التقرير إذا كان البناء مرخصاً سابقاً. 
 
ومن الغريب، بل والمفاجئ أن اللجنة العليا للإغاثة لم تحسم الأمر، وأوحت وكأنّ الجدل بين نقابة المهندسين والوحدات الإدارية حول رسوم التقارير الفنية لاتعنيها، فهل تنتظر قراراً من رئاسة مجلس الوزراء يحسم الجدل حول هذه المشكلة المفتعلة؟.

ونلفت نظر الجهات الحكومية كافة أنه لايمكن اختصار مأساة زلزال 6/2/2023 بتكلفة رسوم التقارير الهندسية للمنازل المتضررة كي يتمكن أصحابها من ترميمها قبل العودة إليها، القضية أكبر بكثير من رسوم للمهندسين، وإلا ما جدوى تشكيل لجان متعددة للإغاثة والسلامة والإيواء..الخ.

وقبل الخوض في التفاصيل الصغيرة التي تبرع فيها الوحدات الإدارية، ويشجّع عليها تجار البناء بالتواطؤ مع البلديات، على الحكومة أن تخصص جلسة لمجلس الوزراء للإحابة عن سؤال واحد فقط: هل سنلجأ إلى الحلول الجزئية والمؤقتة أم نعتمد الحلول الجذرية للمناطق المنكوبة بالزلزال؟.

في حال قررت الحكومة (وليس الوحدات الإدارية في المحافظات) اعتماد الحلول الجزئية أيّ الترقيعية، وهي ترميم الأبنية المتصدعة والمتشققة، فعليها أيضاً أن تجيب عن السؤال الأساسي: من سيتحمل تكلفة التدعيم والترميم المنكوب أم الحكومة؟،وبما أننا أمام كارثة طبيعية لم تضرب سورية منذ أكثر من قرنين، وبما أن آلاف الأسر خسرت منازلها وكل مقتنياتها، فإن من واجب الحكومة أن تكلّف شركاتها الإنشائية أو شركات التطوير العقاري أن تقوم بأعمال إعادة تأهيل المناطق المدمرة والمتضررة دون تكليف المنكوبين قرشاً واحداً، وعندها يسقط الجدل حول رسوم التقارير الهندسية التي افتعلتها الوحدات الإدارية بتشجيع من تجار البناء.

أما إذا اختارت الحكومة الخيار الجذري، أي بناء ضواحٍ سكنية مبانيها مقاومة للزلازل، فهذا يعني هدم مباني المناطق التي ضربها الزلزال بكاملها، لأن الأبنية المتصدعة والمتشققة، والتي ستتعرض في القادم من الأيام حسب مراكز الرصد الزلزالي للمزيد من الهزات الخفيفة والمتوسطة الشدة، لايمكن اعتبارها آمنة للسكان، وفي هذه الحالة على الحكومة تأمين المستلزمات الفنية والمادية والخبرات للشركات الإنشائية كي تقوم بهذه المهمة الإنسانية.

ولكي لايطول أمد بناء الضواحي، فمن الملح الاستعانة بخبرات الدول الصديقة كروسيا والصين التي تملك تجربة بإنجاز أبنية مقاومة للزلازل بتقنيات التشييد السريع، أي خلال أسابيع وليس عدة أشهر أو سنوات، ويمكن أن يتم ذلك، إما عن طريق إرسال فرق من شركاتنا الإنشائية إلى الدول الصديقة للتدرب على هذه التقنيات، أو بإقامة شراكات مع شركاتنا الإنشائية تتيح تنفيذ الضواحي واكتساب الخبرة على أرض الواقع.

الخلاصة: آن الآوان لتحسم الحكومة الجدل، وتعلن عن خيارها القادم سواء كان خياراً ترقيعياً(إصلاح وترميم) أم جذرياً(ضواح سكنية مقاومة للزلازل)، ونستغرب إهمال هذا الخيار الجذري حتى الآن، ومهما كان خيار الحكومة يجب أن يكون قرارها الحاسم والجازم: لن نحمّل المنكوبين أي تكاليف مادية لا بالترميم ولا بتأمين المساكن البديلة.

طريقك الصحيح نحو الحقيقة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *