خبر عاجل
رشا شربتجي: مسلسل “ولاد بديعة” كان لرمضان 2025 لذلك نصه كُتب بسرعة البرق في أول ظهور لها هذا الموسم أسعار البامية تحلق عالياً… مدير التجارة الداخلية بدير الزور لـ«غلوبال»: الكميات المطروحة محدودة ولايمكن ضبط السعر حالياً مزارعو التبغ بطرطوس في مهب العاصفة…رئيس رابطة فلاحية لـ«غلوبال»: البرد أتى على مساحات كبيرة من المحصول ما زالت تعاني من سرقتها أو تخريبها… مدير الحدائق بمحافظة دمشق لـ«غلوبال»: صيانة وتأهيل لمعظم مرافقنا بعد العيد وما قبل الصيف الرئيس الأسد يصدر مرسومين يقضيان بإنهاء التعيينات السابقة لأعضاء القيادة المركزية الجدد مهيار خضور: شخصية “زكوان”سببت لي ألم نفسي وتعذبت لطلعت منها هطولات مطرية على مناطق متفرقة… الحالة الجوية المتوقعة خلال الأيام الثلاثة القادمة الأمبيرات… سرطان هادر للقيم المضافة أجور حصاد كل هكتار من القمح نحو مليوني ليرة… خبير تنموي لـ«غلوبال»: يجب إعادة النظر بسياسة التسعير الأحوال الجوية تلحق أضراراً بمحاصيل زراعية… رئيس اتحاد فلاحي طرطوس لـ«غلوبال»: التبغ بخير والخوف على القمح من الرطوبة
تاريخ اليوم
خبر عاجل | رأي و تحليل | نيوز

الإفطار بأنوار مآذن الأموي بدل المدفع الرمضاني

خاص غلوبال – شادية اسبر

من بيت أبو عامر المطل على مساحة العاصمة، هناك في سفح قاسيون، حيث تكاثر الحي الشعبي على أطراف الجادات بكتف حي المهاجرين، تشاهد دمشق كما لم يشاهدها أحد، وخاصة مع غياب الشمس.

يأتي رمضان على عائلة أبو عامر (أب لثلاثة أولاد وبنت) التي تصرّ رغم الظروف الصعبة، أن تؤدي فريضة الصيام، يقول الخمسيني (58 عاماً):”الصيام صحة، رغم أننا شبه صائمين طيلة أيام السنة مع قلة القدرة على تأمين الغذاء المتوازن، وسط هذه الظروف الاقتصادية القاسية، والغلاء الفاحش الذي لا يتوقف“.

حال أبو عامر الاقتصادي الغذائي، كالكثير من السوريين، بل كأغلبيتهم الساحقة، لكن لرمضان طقوسه التي يتمسك بها سائق الميكروباص على خط صناعة – المهاجرين – جادات، كآخر متعة تجمع العائلة، حيث لكل منهم عمله المختلف توقيتاً عن الآخر، حتى إن أعمالهم تستهلك غالبية ساعات يومهم، ما يجعل التقاؤهم جميعاً على مائدة الطعام شبه نادر.

تغير كل شيء بعد الحرب، ولم تسلم العادات الرمضانية من التغيير، الأمر لا يقتصر على أنواع الأطعمة التي غابت عن موائد الصائمين، ولا على طقوس العزائم والمقاهي وليالي المتعبدين، كما مشهد الأسواق و المتسوقين، أشياء كثيرة تغيرت، نلحظ بعضها ولا ندري بأخرى، ليأتي حديث عابر لأبي عامر يوقف التفكير عند نقطة التساؤل المعهود حول قدرة الإنسان على إيجاد الحلول، من أبسط المصاعب حتى المعضلة منها، فكرة بارقة تحدث عنها أبو عامر رغم الألم  والعناء المحيط، إلا أنها لافتة تثير الابتسام الممزوج بالغصة، والانبهار المشبع بلطافة الفكرة.

قبل الحديث عما قاله أبو عامر، لا بد من الحديث عن الأجواء التي ولدت لديه الفكرة، فقد غاب صوت مدفع رمضان عن مسامع الدمشقيين، أسكتته أصوات الحرب التي ارتفعت على مدى سنوات، الصوت الذي كان يسمعه ملايين القاطنين في العاصمة ومحيطها يومياً كتقليد رمضاني يعلن وقت الإفطار مع أذان المغرب، بات ماضياً، حيث تقول الحوادث التاريخية المحفوظة والثابتة إن دمشق أول مدينة إسلامية قامت بهذه العادة، وإنها سابقة على حوادث ضربه في القاهرة، بينما تقول مصادر أخرى إن القاهرة سبقت دمشق، هذا ليس سياقنا الآن، الأهم أنني لم أعد أسمع مدفع رمضان يعلن البدء بالطعام، كما سألت الكثيرين فأكدوا الأمر ذاته.

”لا كهرباء لنشعل التلفاز أمام سفرة كان يلتئم حولها الجميع كما جرت العادة، بانتظار كلمة الله أكبر، ليبدؤوا بالتمتمة ومن ثم شراب الماء فتناول الطعام، كما أن جامع الحي بلا مولدة أيضاً“ يقول أبو عامر، ويكمل: لا أملك جوالاً حديثاً يعلمني وقت أذان المغرب، فكان لا بد من طريقة أعرف فيها توقيت الإفطار.

يسهب أبو عامر برواية التفاصيل، قائلاً: ”في الأيام الأولى اعتمدت على هاتف يصلني من ولدي الذي يعمل بإحدى المطاعم وسط العاصمة، يقول لي ”بابا صار وقت الإفطار“، كانت تغطية شبكة الجوال ضعيفة، فأخرج مع ميول الشمس للمغيب لأقف على شرفة المنزل كي ألقط إشارة أقوى.

هو تصرف بات السوريون يتقنونه كأحد تفاصيل يومياتهم، الجميع يبحث عن مكان في المنزل تكون تغطية الجوال فيه أقوى من غيره، لكن شرفة أبو عامر المطلة على دمشق، وانتظاره هاتف ابنه الذي يتأخر أحياناً كثيرة بإعلامه وقت الإفطار بسبب انشغاله بالعمل، جعله يلحظ أمراً وهو يقف متأملاً دمشق تودع آخر خيوط شمس نهار ربيعي.

”لفتني أن أنوار مآذن الجامع الأموي تضيء في توقيت محدد ولمدة قصيرة، لتعود وتنطفئ مجدداً، وهذا يتكرر يومياً، تأكدت من ولدي و أصدقائي، فإذا به توقيت رفع أذان المغرب، حيث يشعل إمام المسجد أضواء المآذن مع رفعه الأذان ويطفئها مع الانتهاء منه، فكانت الملاذ لي“ يؤكد أبو عامر.

منذ ذلك اليوم (قبل نحو أسبوع) وأبو عامر لا ينتظر هاتف ولده في الجو البارد على شرفة منزله، كل ما يقوم به هو رفع ستائر النافذة المطلة من قاسيون على دمشق، ليراقب مآذن الأموي تضيء معلنة وقت الإفطار.

طريقك الصحيح نحو الحقيقة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *