استجابة وطنية تنفيذها مرهون بتوافر الإمكانات
خاص غلوبال – سامي عيسى
السادس من شباط الماضي لم يكن يوماً عادياً، يمر في حياة المواطن السوري كباقي الأيام، بل كان كارثة كبيرة ”الزلزال“ بحجم بلد لم يألفها منذ مئات السنين، والأهم أنها كارثة حملت مفردات جديدة على المجتمع السوري، ينبغي التعامل معها بصورة تسمح ترجمة مفاعيلها وآثارها السلبية على جميع الجوانب الحياتية للمواطن، ولاسيما المناطق التي تعرضت للكارثة، حيث ”دمرت مادمرته، وخربت ما خربته“ من بنى تحتية وخدمية واقتصادية، وصولاً إلى الآثار النفسية والاجتماعية التي شكلت في مجملها كارثة أخطر مما هي عليه في الجوانب المادية، علماً كوارث الحرب الكونية لم تكن أقل في خطورتها ونتائجها السلبية على المجتمع السوري.
لكن كارثة الزلزال حملت مفاهيم جديدة ودخيلة على المجتمع السوري، كونها غير مألوفة، تحتاج لمستوى عالٍ من المعالجة تتماشى مع محتواها المادي والإنساني، الأمر الذي فرض على الدولة وأجهزتها تأمين التعاطي المطلوب منذ اللحظات الأولى للكارثة، بدءاً من حالة الاستيعاب الأولى وتقديم كافة أشكال الدعم للمتضررين، وبطرق مختلفة وتقديم العون المادي والاجتماعي، والانطلاق بخطوات متتابعة ”تلملم“ فيها الجراح وتفرض تكتيكاً حكومياً تستطيع الحكومة من خلاله تقديم المساعدة وترجمتها على أرض الواقع، وهذا الأمر ظهر جلياً خلال مراحل مختلفة حددها النشاط المبرمج من قبل أجهزة الدولة الخدمية والاجتماعية والاقتصادية وصولاً إلى خطة عمل وطنية شاملة يتم من خلالها استهداف كافة المتضررين، مهما كان نوع الضرر، حيث أعلنت الحكومة عنها يوم أمس، حددت بموجبها توجهاتها و سياساتها للتعاطي مع تداعيات الكارثة، وذلك بالتعاون مع الهيئات الفاعلة في المجتمع،بقصد تدارك الأضرار الكبيرة التي خلفها الزلزال على المجتمع والإنسان، وكيفية تقديم الدعم للمتضررين.
والأهم من ذلك كله أسئلة كثيرة تدور في أذهان المواطنين منذ اللحظات الأولى للكارثة وحتى تاريخه، وآخرها هل حملت خطة الحكومة و استجابتها لتجاوز تداعيات الكارثة الإجابات الكافية عن مجموعة من الأسئلة كانت لسان حال كل مواطن منها على سبيل المثال: ماذا ستفعل الحكومة مع أدواتها التنفيذية لتأمين الحالة الاجتماعية والإنسانية للمتضررين من الكارثة، وما سرعة الاستجابة وقدرتها على الاستيعاب، وأسئلة أخرى تدور حول الإمكانات المادية في ظل سنوات حرب كونية فقدت الدولة خلالها الكثير من خيراتها وخبراتها، وسرقة معظم مواردها الطبيعية من قبل ”الاحتلاليين الأمريكي والتركي ومازالا“،وغير ذلك من أسئلة الإجابة عنها شكلت هاجساً لدى كل مواطن تضرر مادياً وحتى نفسياً على كامل التراب السوري..؟!.
من الواضح أن عرض الخطة أمس من قبل رئيس الحكومة واعتمادها كبرنامج عمل يرسم ملامح عمل جديدة وخطوات متتابعة يتم من خلالها ترجمة مفرداتها وفق سياسات ومفاهيم تنطلق منها الحكومة بأجهزتها المختلفة، والتنسيق الكامل مع المجتمع الأهلي والمنظمات المحلية والدولية لتحقيق المصلحة العامة تحت مظلة الدولة وإمكاناتها المادية.
وبالتالي هذه الخطة، أو الاستجابة التي وضعتها الدولة لتدارك تداعيات الكارثة، وتقديم الدعم المطلوب للمتضررين، تحتاج لإمكانات مادية كبيرة ورؤوس أموال أكبر من حجمها لترجمة السياسة الجديدة والخطة في المعالجة والالتزام ببرنامج زمني يضبط إيقاع التنفيذ الذي يلمسه ليس المتضرر فحسب بل كل مواطن.
فهل الدولة تمتلك هذه الإمكانات، خاصة أنها تسير في مرحلة التعافي من تداعيات حرب كونية مازالت مستمرة، إلى جانب استمرار سرقة مواردها النفطية من قبل الاحتلال الأمريكي والتركي وأعوانهم في المنطقة..
ترجمة التنفيذ وحصد النتائج تحكيه قادمات الأيام، مع الأمل الكبير بتنفيذ كل جوانب الخطة، وتحقيق الاستجابة الكاملة، لاستيعاب كافة المتضررين من كارثة الزلزال وغيرهم ووضع خطط ثابتة لمعالجة المشكلات الطارئة انطلاقاً من مفردات هذه الاستجابة..
طريقك الصحيح نحو الحقيقة