“صناعة الأفكار “…وإدارات غارقة بالإهمال والفساد !
خاص غلوبال – هني الحمدان
هل اقتنعت الإدارات صاحبة القرار بأن عصرنا صار عصر الأرقام، بمعنى عصر يرتكز على المعرفة والمعلومات بتقنياتها الحديثة، ومايرتبط بالذكاء الاصطناعي لتأدية الأعمال وتخفيف الاعتماد على الإنسان؟وهل من تأسيس وتهيئة المناخات للخوض في غمار تقنية المعلومات، فمناخات كهذه سندخلها شئنا أم أبينا، تأخرنا أو تجاهلنا الغوص في مضاميرها.
سيأتي الوقت عما قريب ونتفاجأ أمام متطلبات واستحقاقات، على الإدارات والمؤسسات الأخذ بها مجبرة، فما هي الإجراءات والاستعدادات حيال هذا المعطى التقني الجديد؟.
هنا يتبادر إلى الذهن السؤال الأهم: هل لدى حكوماتنا استراتيجية متكاملة للبحث الفكري والتقني لمواكبة ومعاصرة العصر التقني الجديد؟ كما يقودنا ذلك إلى تساؤلات أخرى: من الذي يصنع أو سيصنع الرؤية الاستراتيجية، ومن ذا الذي يخطّط للبحث الفكري الرقمي، وكيف ستتم آليات التنفيذ ؟.
هي تساؤلات تتشابك مع بعض الأفكار، وفي مقدمتها البحث العلمي في مؤسساتنا وفقر حاله والاعراض عن نتائج أبحاثه وباحثيه، واقعه مترهّل والنوايا الجديّة غير مطمئنة البتّة.
لقد أسقط واقع حال البحث العلمي، إن وجد، شغف البحث عن المهتمين والمتابعين والأنصار، في مقابل الحفظ والتلقين والتجاهل عن خلاصات البحث العلمي، فأصحاب الأبحاث والباحثين تحوّلوا إلى موظفين، ينشغلون طيلة العام بأعمال إدارية أكثر منها علمية بحثية، والسبب ببساطة هو سيطرة الإدارات على الكفاءات ومحاربتها وإرغامها على ترك مهامها، فمثلاً عندما يتسلّم مديرٌ “جاء بـالباراشوت” مؤسسة، وهو لا يمتلك أيّ ميزة قيادية وإدارية تؤهّله ليكون مديراً لها، فما المأمول منه…؟.
انشغل هذا الكائن بمسائل لا تمتّ لتطوير الأعمال بصلة ولا لأي مسألة تطويرية أو بحثية، ولابصناعة أي فكرة حتى،انشغل بكيفية اختيار أعضاء لجان الشراء وفواتير شراء بعض المواد،كالمنظفات مثلاً، التفت لتوافهِ الأمور وترك أساسيات العمل الناجحة جانباً، ليس لأنه يتقن فنون العمل الفكري والإداري بل لأنه فاشل أيضاً.
فكيف ننادي وكيف سنعدّ العدّة حيال التحوّل تجاه الذكاء الاصطناعي، مادامت خياراتنا عند اختيار الأشخاص خاطئة، والمحسوبيات هي الكفّة الراجحة،
ونتساءل أيضاً: هل لدى بعض الوزارات والمؤسسات ما يسمى ”صناعة الأفكار؟“.
ربما تكون هناك رؤى فردية من جانب بعض القياديين أو المهمّين في بعض الوزارات، وفي بعض الأحيان يتم تجاهلها وعدم الأخذ بمضامينها، يتم تناسيها بمجرد تغيير الأشخاص أو الوزير !.
للأسف ليست لدينا “صناعة أفكار” بدرجة من الوعي والإدراك لما يدور من حولنا من متغيّرات محلية وعالمية، تستحقّ سيناريوهات متعددة للتعامل معها.
كل ذلك يقودنا للسؤال: لماذا ليست لدينا صناعة عقول، للدرجة التي جعلت غيرنا استفاد بتشكيل عقول بعض الكفاءات، وبقينا ندور في فلك نمطيّ بعيد عن التقنية الحديثة ومتطلباتها، ونعمل وفق إرث يلفّه الفساد و الإهمال واقتناص الفرص وإملاء الجيوب بالمال العام، من دون عقاب أو رادع، بل تماهٍ بالوظيفة العامة وتسخيرها لسلطة مدير لا يصنّف في شريحة الفهم وحسن التعاطي مع متطلبات العصر ، وإنما يهمّه ماذا سيستفيد من لجان الشراء وإقصاء الكفاءات المؤهّلة..!.
متى تسهم حكومتنا في إنتاج مجتمع المعلومات، ومتى وكيف ستستهدف الأميّة الثقافية والوظيفيّة والمعلوماتيّة التي يعاني منها الكثيرون من خريجيّ الجامعات وجيش موظفيها قبل غيرهم…؟!
طريقك الصحيح نحو الحقيقة