وماذا عن الرواتب والأجور بالورقة والقلم؟
خاص غلوبال ـ علي عبود
استجابت وزارة التجارة الداخلية لضغط مربي الدواجن فوضعت تسعيرة للفروج بأنواعه المختلفة ”المذبوح والمنظف والشرحات والأفخاذ والشاورما والمشوي..الخ“، بحضور رئيس لجنة مربي الدواجن وكبار المربين.
وقد راعت الأسعار المعلنة الحد الأقصى بمباركة المنتجين الذين كانوا يشتكون عالياً من ظلم نشرات التموين التي كانت ترغمهم على المخالفة لأنها أقل بكثير من سعر التكلفة.
ويمكن القول إن المربين راضون عن الأسعار الجديدة، كما أن وزارة التجارة راضية عن الاتفاق معهم على نشرات تضبط الأسواق وتحد من المخالفات، أي أن الكل على وفاق ورضا تام، بمنأى عن المستهلك، فما من جهة في وزارة التجارة أجابت عن السؤال: وماذا عن رضا العامل بأجر؟.
بل يُمكن وصف الرضا المتبادل عن الأسعار بأنه اتفاق على العاملين لحرمانهم من استهلاك الفروج، وحصره بالمقتدرين مالياً، وعلى الرغم من الانخفاض الأخير بأسعاره فلا تزال ملايين الأسر السورية باعتراف المربين عاجزة عن إحضاره إلى موائدها ولو مرة واحدة في الأسبوع.
وما يقال عن بيع الفروج في صالات ”السورية للتجارة“ بأسعار أقل من السوق لايعني أنه في متناول ملايين الأسر السورية، والازدحام على شراء ”فراريج السورية“ هو ازدحام خاص بمن يقوى على الشراء وهم قلة مقارنة بالملايين المحرومة منه، وبالتالي فالازدحام مشهد خدّاع لايعكس الواقع المرير!.
نعم، لقد لفتنا جداً ماكشفه مدير الأسعار في وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك نضال مقصود فقد أكد بحزم وحسم: ”تم تحديد السعر بدقة وبالورقة والقلم“!.
حسناً، لماذا لايجتمع التنظيم العمالي كممثل عن ملايين المستهلكين مع مدير الأسعار في وزارة التجارة للاتفاق على نشرات أسعار تناسب القدرة الشرائية للعاملين بأجر ”بدقة وبالورقة والقلم“؟
إذا كان ليس بمقدور المنتجين في القطاعين الزراعي والصناعي تحمل الخسائر أي البيع بأقل من التكاليف، فلماذا على العاملين بأجر تحمل الاستغناء عن شراء الفروج بأنواعه المختلفة لأن دخلهم بالكاد يكفي لفروجين مشويين شهرياً، أي أقل من وجبتي غداء لأربعة أشخاص على الأكثر؟.
وإذا كانت وزارة التجارة الداخلية استجابت لرغبة ومطلب المربين ووافقت على تسعير منتجاتهم وفق التكاليف الفعلية مع هامش للربح ”بدقة وبالورقة والقلم“ كي يستمروا في الإنتاج، فلماذا لايجتمع التنظيم العمالي مع اللجنة الاقتصادية لتعديل رواتب ملايين العاملين بأجر وفق نشرات تسعير الفروج والبيض واللحوم ”بدقة وبالورقة والقلم“ كي يتمكنوا من شراء هذه المنتجات كما كانوا يفعلونها على مدى العقود الماضية؟.
وبما أن مدير الأسعار وعد المربين بأن التسعير سيتم كلما اقتضت الحاجة وفق تغيرات سعر الفروج الريش، وفي حال كانت هناك تغيّرات بسعره ستتغير أسعار أنواع الفروج الأخرى، فلماذا لاينتزع التنظيم العمالي وعدا من اللجنة الاقتصادية بتعديل الأجور في حال حدوث تغيرات في أسعار السلع الأساسية ”بدقة وبالورقة والقلم“!.
وإذا كان مدير الأسعار قد طالب بضرورة حضور الإعلام الاجتماعات التي يتم خلالها تحديد أسعار الفروج وآليات التسعير المعتمدة التي تتم بالتنسيق مع كبار مربي الفروج باعتبار ”أن الإعلام هو صدى الشارع والصوت المسموع لدى المواطن السوري“، فلماذا لايطالب التنظيم العمالي اللجنة الاقتصادية بحضور الإعلام أيضاً، هذا في حال كانت على قناعة ”أن الإعلام هو صدى الشارع والصوت المسموع لدى المواطن السوري“، ولا تنظر إليه كنظرة نائب اقتصادي سابق قال عنه بصيغة سؤال استنكاري: ماهذا الإعلام الذي لايتابع الحدث؟.
مالفتنا، ولم يُفاجئنا، بأنه لم تمض سوى أيام قليلة إلا وبدأت تصدر قرارات بتعديل أسعار جميع السلع والمواد الأخرى، من الخبز السياحي مروراً باللحوم الحمراء والأكلات الشعبية ”تجاوزا“ كالفول والحمص والمسبّحة والفلافل وصولاً إلى الاتصالات الثابتة والمتحركة، وكله ”بدقة وبالورقة والقلم“.
الخلاصة: عندما يصل الأمر إلى المطالبة بتحسين الأوضاع المعيشية لملايين الأسر السورية لا تستجيب اللجنة الاقتصادية لهذا المطلب المشروع، ويكون ردها دائماً بالعزف على أسطوانة مكررة: لاتوجد موارد لتعديل الرواتب والأجور!
طريقك الصحيح نحو الحقيقة