خبر عاجل
درجات الحرارة أدنى من معدلاتها… الحالة الجوية المتوقعة أهالي المعضمية يطالبون بحل أزمة النقل… رئيس البلدية لـ«غلوبال»: اتفاق لتسيير باصات النقل الداخلي أوقات الذروة توزيع مليون كتاب تعليم أساسي… مصدر بمطبوعات دمشق لـ«غلوبال»: 82 % نسبة توزيع كتب الابتدائي استمرار لخطوات التمصرف والتحول الإلكتروني… مدير الدفع الإلكتروني في التجاري السوري لـ«غلوبال»: إضافة 21 كازية جديدة إلى منظومة الدفع الإلكتروني غلاء مستلزمات الإنتاج يرفع أسعار العسل… مدير زراعة السويداء لـ«غلوبال»: الإنتاج المتوقع أقل من السنوات الماضية إجراءات لتأمين عودة الأهالي وترميم الأسواق التراثية… مدير كهرباء حمص لـ«غلوبال»: توزيع المحولات الواردة فوراً وتركيب 2‐3 منها أسبوعياً الانتخابات ستكون إلكترونية… عضو غرفة تجارة دمشق لـ«غلوبال»: الأولوية تشكيل الأعضاء المناسبين وتجاوز الأخطاء السابقة حسام جنيد يعلّق على خبر حصوله على هدية من “رجل أعمال” عمل كوميدي يجمع سامية الجزائري ونور علي وأيمن عبد السلام في رمضان 2025 ما التصنيف الجديد لمنتخبنا الوطني الأول؟
تاريخ اليوم
خبر عاجل | رأي و تحليل | نيوز

من يقوى على مقاومة الفساد والإفساد؟

خاص غلوبال ـ علي عبود

ننتقد الفساد بشراسة، ونتهم الحكومة بضعفها في مكافحته، وبتهاونها في محاسبة الفاسدين، ونتجاهل طرح السؤال: من يقوى على مقاومة الفساد والإفساد؟.

كل منا يشير بأصابعه إلى فاسد أو أكثر، ويوحي الكثير من طريقة حديثه عن أحد الفاسدين، وكأنه يحسده على الثروة التي جمعها عن طريق استغلال المنصب العام، أو علاقاته المتشعبة مع المتنفذين، إلى حد الشك بأن معظم من ينتقد الفاسدين يتمنون بأن يكونوا مكانهم أو يحظون بفرصة مماثلة لفرصهم تتيح لهم جمع الثروة بأقصر الطرق وأبشعها!.

لقد لفتنا مانقله صحفي لبناني عن نائب مستقل قوله إنه رفض عرضاً بنصف مليون دولار ثمناً لصوته في جلسة البرلمان اللبناني يوم 14/6/2023 المخصصة لانتخاب أحد المرشحين للرئاسة، وظننا بأن النائب في منتهى العفة ونموذج للنزاهة، لكنه سرعان ماصدمنا بتتمة تصريحه الفاجر، وقال لمحدّثه: ”ولو نصف مليون؟ شو عم ننتخب مختار؟“.

نعم، الفاسدون في بلد يستشري فيه الفساد ”عالمكشوف“ يُصنّفون حسب قوتهم التي يمنحها لهم المنصب، والجهة التي بحاجة لخدماتهم، ويصبح مبلغ النصف مليون دولار بالنسبة لهؤلاء صغيراً جداً، يرفضون المساومة عليه مقابل فعل يرون ثمنه بملايين الدولارات.

لانجادل بأن الأوضاع المعيشية، والأجور الهزيلة سرّعت بانتشار الفساد الصغير، ومن النادر جداً جداً أن نجد موظفاً لايطالب بمبلغ من المال لإنجاز أي معاملة للمواطن، الذي إن كان بدوره موظفاً في دائرة أخرى يمارس الفعل ذاته، أي الفساد الصغير!.

ومع أن الحكومة جادة بتصريحاتها بأنها تكافح الفساد الكبير بدليل أن الجهاز المركزي للرقابة المالية يضبط المليارات التي خسرتها الدولة في السنوات السابقة بفعل الفاسدين والمفسدين، فإن الفساد الصغير تحوّل إلى ظاهرة خطرة تفشّى فيروسها في كل الجهات الحكومية بلا أي استثناء، ولايبدو أن الحكومة بوارد إيجاد الحلول الجذرية لها قبل أن يتحول إلى آفة سرطانية تستعصي على العلاج!.

نعم، الفساد ظاهرة مقيتة وبشعة وخطرة، ومدمرة للبلاد والعباد والمجتمعات، لكننا نسأل كل من ينتقدها ويهاجمها بشراسة: في حال استلمتم منصباً كبيراً أم صغيراً هل لديكم الحصانة الأخلاقية والإرادة القوية و“البحبوحة” المادية لمقاومة الفاسدين والمفسدين؟.

الكلام سهل جداً وكلنا لايُقصّر بكتابة المطولات عن الفساد ونتجاهل دائماً الحقيقة المرّة وهي أن ”النفس أمارة بالسوء“، ومن يقبل برشوة صغيرة اليوم ويعتبرها نوعاً من المساعدة لتأمين مستلزمات العيش، سيطالب بزيادتها يوماً بعد يوم، ولن يتردد لاحقاً بالتوسط ودفع المال للانتقال إلى منصب آخر، الفساد فيه أكبر و أدسم، ولن يطول الأمر حتى يشتري منصباً مهماً سيستغله شفط المليارات، أي في موقع لن يمرّر فيه أي عملية فساد قبل أن يقبض مقابلها ملايين الدولارات!.

هل نبالغ برصد الواقع كما هو؟
حسناً، لننظر من حولنا فماذا سنكتشف؟
مسؤولون حاليون أو سابقون يشترون عقارات في عدة محافظات ولديهم رصيد بالدولارات في الخارج دون أن تسألهم أيّ جهة: من أين لكم هذا؟.

وآخرون يتباهى بشراء عقارات بعشرات المليارات، ويقومون بفرز عدة عناصر لخدمتهم مع أفراد عائلته وكلابهم المدللة ويصادرون أجزاء من الطريق العام من أجل سياراتهم التي تستهلك الوقود مجاناً، ولا جهة تسألهم: ماذا تفعلون ومن أين لك هذا؟.

ومديرو شركات خاسرة يجمعوا ثروات كبيرة لايترددون بإنفاق بعضها على العقارات في عدة محافظات لأنهم على ثقة أن مامن جهة ستحاسبهم وتستفسر عن مصدر ثرواتهم المشبوه!.

كنا مرة في لقاء مع مسؤول استلم منصباً مهماً للتو، قال لنا بصراحة عن أسطول السيارات المفرز لخدمته، بعدما لاحظ استغرابنا لأنه كان ينتقد سابقاً هذه الظاهرة: عندما يصدر قرار بفرز سيارة أو سيارتين فقط لكل مسؤول فسأنفذ القرار فوراً، لكنني لن أقبل بوضع يرفضه الآخرون.

ونعود إلى السؤال وهو إشكالي بحد ذاته: من يقوى على مقاومة الفساد والمفسدين؟
إذا انطلقنا من الواقع الذي يؤكد بأن الفساد شر مستطير وموجود في كل المجتمعات، ولا يمكن اجتثاثه، بدليل مامن دولة إلا وتعاني من آثاره بنسب متفاوتة، فإن الجهود يجب أن تركّز على ابتكار آليات تحد من الفساد، وتحاصر الفاسدين والمفسدين بالقوانين، وبإجراءات ترفع من مستوى الرقابة على عمل الإدارات والجهات العامة إلى الحد الأقصى.

وكما قلنا سابقاً: الأكثر أهمية هو آليات الرقابة المسبقة التي تمنع الفساد، وبالمحاسبة العلنية والتشهير بالفاسدين، أما الآلية الفعالة لمكافحة الفساد الصغير الذي ينتشر بسرعة الفيروسات الفتاكة فهي منح ملايين العاملين في الجهات الحكومية أجوراً تكفي لمتطلبات الحياة، وما من آلية أخرى لعلاج هذا الفيروس. 

الخلاصة: تكاد ثروات الفاسدين تصيح خذوني، والمشكلة أن مامن جهة تحركت لأخذهم حتى الآن إلا في حالات نادرة واستثنائية،و..إنتقائية!.

طريقك الصحيح نحو الحقيقة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *