الـ “أوتشا” تغلق باب الهوى
خاص غلوبال – شادية اسبر
جميع قرارات مجلس الأمن، تؤكد سيادة سورية على كامل ترابها، واستقلالها السياسي، ووحدة أراضيها، فكيف يستوي أن تنتهك مؤسسات الأمم المتحدة قراراتها؟! وهل من يسقط بامتحان القانون الدولي، ستكون له مصداقية في الامتحان الإنساني؟.
على مبدأ السيادة المكفولة بالقوانين والمعاهدات والقرارات، والمصانة بالدماء والتضحيات تتحرك الدولة السورية، ومن مبدأ الواجب السيادي والإنساني تجاه مواطنيها، تفتح دمشق أبواب الخيارات الأكثر مرونة وسرعة وأمناً في إيصال المساعدات إلى مستحقيها.
فشل مجلس الأمن الثلاثاء الماضي 11 تموز بتمديد “آلية إيصال المساعدات” عبر معبر باب الهوى، توقفت هذه الآلية المسيسة التي جاءت في القرار 2165 للعام 2014 الخاص بإدخال المساعدات عبر الحدود، وهو القرار الذي كان اعتماده إجراء استثنائياً مؤقتاً حينها لا يمكن استدامته.
وفي خطوة مسؤولة أعلن مندوب سورية لدى الأمم المتحدة بسام صباغ (الخميس 13 تموز) أن دمشق “اتخذت القرار السيادي بالسماح للأمم المتحدة ووكالاتها المختصة باستخدام معبر باب الهوى لإدخال المساعدات الإنسانية إلى المدنيين في شمال غرب سورية، بالتعاون الكامل والتنسيق مع الحكومة السورية لمدة ستة أشهر”، فلماذا يرفض مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة “أوتشا” الطرح السوري، رغم أنه ذاته من أبلغ مجلس الأمن بأن التصريح الذي قدّمته الحكومة السورية يمكن أن يكون أساساً للتسيير القانوني للعمليات الإنسانية؟!.
أكدت الأمم المتحدة على لسان ستيفان دوجاريك وهو المتحدث باسم أمينها العام أنطونيو غوتيريش أن الأخير تلقى فعلاً رسالة دمشق وتتم دراستها، ليأتي رد “أوتشا” صادماً، حيث جاء في وثيقته إلى مجلس الأمن، أن الرسالة التي بعثتها سورية ” تحتوي على شرطَيْن غير مقبولين”، وإلى هنا السامع أو القارئ ينتظر التفاصيل، لتكون المفاجأة أكبر.
يقول الخبر إن دمشق اشترطت ضرورة ألا تتواصل الأمم المتحدة مع كيانات مصنّفة إرهابية، وهو مالا يمكن تسميته بالشرط، فمن طبيعة الحال وصحة القوانين عدم التواصل مع إرهابيين، بل إن التواصل مع تنظيمات إرهابية جريمة موصوفة ومحاولة شرعنة مفضوحة، ليأتي تبرير “أوتشا” أن “الأمم المتحدة وشركاءها يجب أن يستمروا بالتواصل مع الجهات الحكومية وغير الحكومية المعنية، لأنه أمر ضروري من الناحية التشغيلية، كما أنه ضروري من أجل الوصول الآمن إلى المدنيين المحتاجين”.
ولا بد هنا من التذكير بأن المساعدات المقدمة عبر الحدود لم تجد يوماً طريقها إلى المدنيين السوريين، وما يصلهم هو الحد الأدنى اللازم للتغطية على استخدام هذه المساعدات لدعم التنظيمات الإرهابية، وهذا تؤكده شهادات من داخل إدلب.
وكمثال، نستذكر ما أوردته صحيفة الشعب الهولندية عن سرقة مؤسس منظمة “الخوذ البيضاء” الإرهابية البريطاني جيمس لو ميسورييه، خمسين مليون دولار من أموال المانحين، قبل أن يقتل في تركيا بطريقة غامضة، ويدفن معه جزء كبير من أسرار ملف التمويل غير المباشر للإرهاب تحت ستار الأعمال الإنسانية.
من هنا ندخل إلى الثاني الذي أقلق المكتب الأممي، وهو الإشراف، حيث اشترطت دمشق أن يكون هناك إشراف من اللجنة الدولية للصليب الأحمر، والهلال الأحمر السوري على توزيع المساعدات، في حين قال “أوتشا” إن ذلك يتعارض مع استقلالية الأمم المتحدة، وهذا غير مفهوم، فهل تعامل مكتب أممي مع لجنة دولية يتعارض مع الاستقلالية، والتعامل مع منظمة إرهابية لا يتعارض؟!
على مدى سنوات أخفق “أوتشا” في الوفاء بمتطلبات العمل الإنساني وضمان عدم تسييسه وشفافيته ومهنيته وحياديته، وإلى أن تجد الأمم المتحدة تعريفاً جديداً للاستقلالية، أقل ما يجب عمله التزام الدول والمنظمات بالقرارات الصادرة عن مجلس أمنها، وبالأخص القرار(2642) الذي نصّ صراحةً على الانتقال إلى التعافي المبكر، وإيصال المساعدات عبر الخطوط، والتوقف عن إيجاد ذرائع لمواصلة انتهاك سيادة سورية، وعن محاولة خلق وقائع جديدة على الأرض، والأهم النظر إلى ما تخلفه العقوبات والإجراءات الأحادية القسرية غير الشرعية من كوارث إنسانية على حياة ملايين السوريين اليومية.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة