واشنطن “العميقة والعلنية”…إصرار على الاحتلال والعقوبات
خاص غلوبال – شادية إسبر
إصرار أمريكي على البقاء العسكري الاحتلالي في سورية، يرافقه إصرار أمريكي أيضاً على إبقاء العقوبات والحصار على الشعب السوري، وكلاهما إجراءات لا شرعية دولية لها، ولا شرعية إنسانية، ولا حتى شرعية أمريكية، فما هي الأهداف الخفية الكامنة في هذا الإصرار؟.
لم يكن مستغرباً في الدول التي تعاني شعوبها من أزمات اقتصادية تتفرع عنها أزمات عدة اجتماعية وصحية وثقافية، لأسباب متداخلة أبرزها العقوبات الأمريكية، أن تسمع بخبر رفض مجلس النواب الأمريكي، مسعى من أربعة نواب جمهوريين “لإنهاء 5 إعلانات طوارئ رئاسية، تسمح بفرض عقوبات على من تصفهم بأنهم أعداء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط وإفريقيا”، فهذه الدول وشعوبها تعلم علم اليقين بأنها من أعداء الولايات المتحدة الأمريكية بإداراتها العلنية و”الدولة العميقة” فيها، لكن المستغرب أن يصرّ الساسة الأمريكيون في كل قرار إجرامي بحق سورية، أن يقحموا عبارة “دعم الشعب السوري”!.
تؤكد الأحداث المتتالية والمناقشات المتكررة في الأوساط الأمريكية على مدى سنوات، بأن ثمة أهدافاً خفية تكمن في الإصرار الأمريكي على البقاء في سورية، وأن “الدولة العميقة” من أجهزة الاستخبارات والبنتاغون هي التي تضع الأهداف العسكرية منها والاقتصادية، والتي جميعها مبنية على عقلية اللصوصية الأمريكية، ويؤكد المتابعون بأن الدليل هو تراجع الإدارات الأمريكية المتعاقبة عن أي موقف تتخذه، لتعود الى المسار الأول وهو البقاء العسكري الاحتلالي، وتشديد الحصار الاقتصادي.
الثلاثاء الماضي قام أربعة نواب من الجمهوريين، هم (لورين بويبرت ومات جايتز وبول جوسار وإيلي كرين)، باستعمال تدابير منفصلة تعرف باسم القرارات ذات الأولوية، لطلب إجراء عمليات تصويت على إنهاء حالات طوارئ قائمة منذ فترة طويلة، تشمل خمس دول من بينها سورية، وتخفيف العقوبات عليها، حيث رفض مجلس النواب الأمريكي بأغلبية كبيرة إنهاء الطوارئ عبر عدة عمليات تصويت.
وتعليقاً على رفض مجلس النواب، قال السياسي في الخارجية الأمريكية جويل رايبورن: إن التصويت “أظهر مرة أخرى أن الكونغرس ببساطة لن يخفف الضغط عن الحكومة السورية وستبقى هذه السياسة بشكل دائم”.
بينما قال النواب الذين طلبوا بإلغاء الطوارئ، التي تعود لعهد الرئيسين جورج بوش الابن وباراك أوباما، إن مدتها قد انتهت، وأصبحت أنموذجاً “للدولة العميقة”، ويؤكدون بأن “حالات الطوارئ هذه عفا عليها الزمن”، كما يوضحون بأنهم سيقدمون قرارات إضافية لتسليط الضوء على 41 إعلان طوارئ، من بينها إعلان يتعلق بإيران يرجع لسبعينيات القرن الماضي، ولا يزال قائماً دون مراجعة مناسبة من الكونغرس، فما هذه المؤسسات الأمريكية، التي لا تحدّث ولا تراجع قراراتها على مدى عقود طويلة، تغيرت خلالها موازين القوى العالمية، وشهدت الأوضاع مفارق فاصلة على الخارطة الدولية.
سبق أن عارضت إدارة ترامب “حالات الطوارئ” التي تدعم فرض عقوبات على الأنظمة الأجنبية، إلا أنها لم تنجح بتمرير مطالبها في مجلس النواب، وتم تمديد حالة الطوارئ “العقوبات على سورية” لمرتين في عهد ترامب، ولثلاث مرات في عهد بايدن الحالي.
وللحقيقة فإن ترامب كان الرئيس الأمريكي الأكثر تعبيراً عن واقع بلاده، وفيما يخص سورية بالتحديد وتواجد قوات أمريكية بشكل لا شرعي على أراضيها، غيّر ترامب رأيه ثلاث مرات خلال فترة قصيرة كان أشهرها عندما عاد ليؤكد نيته في الانسحاب في تشرين الأول العام 2019، وقال خلال خطاب ألقاه في البيت الأبيض متحدثاً عن سورية: “دع شخصاً آخر يقاتل على هذه الرمال الملطخة بالدماء”، متعهداً بسحب جميع القوات الأمريكية من سورية.
وبعد بضعة أيام فقط، غير ترامب رأيه وقال: إن القتال في الشرق الأوسط يستحق العناء طالما أنك تحصل على عائدات النفط من الصفقة.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة