بوصلة الغطاء الأخضر تعود بحملات تشجير منظمة وإجراءات حكومية مشجعة
خاص غلوبال- سامي عيسى
حرب السنوات الماضية التي خاضتها الدولة السورية على كافة الجبهات، العسكرية والاقتصادية، ومازالت مستمرة فرضت حالة من التغيير تركت أثاراً سلبية، ومنعكسات خطيرة على الواقع الاجتماعي بكل أبعاده، وتوريث المجتمع مشاكل يصعب حلها نتيجة ادخال مفاهيم غريبة عليه، وتكريس ثقافة تحمل مفردات غريبة عن حياتنا الاجتماعية وحتى سلوك الافراد الذي خضع للتغيير تحت ضغط الحاجة، وهذا ما ظهر في الاسواق من سلسلة ارتفاعات سعرية متكررة على مدار الساعة، وحالات ابتزاز واحتكار من قبل ضعاف انفوس من التجار، وهذه أمثلة بسيطة لما يحدث.
لكن الأخطر مما يحدث هو ما يحدث على صعيد الطبيعة والغطاء النباتي الذي حمل قسم كبير من أثار الأزمة وتعرضه لكثير من التخريب سواء من قبل العصابات الارهابية المسلحة، أم من خلال الأيدي التي امتدت إلى الغابات وما لحق بها من حرائق التهمت قسم كبير منها، وما تبقى طالته عمليات “التحطيب الجائر” من قبل المواطنين وغيرهم نتيجة ظروف المعيشة وعدم توفر المحروقات والكهرباء.
كل ذلك شكلت عوامل ضغط على الحكومة السورية، وغيرها من عوامل الضغط التي خلفتها الحرب والعقوبات الاقتصادية وحصارها الظالم إلى جانب نقص الامدادات للسوق المحلية، فرض إعادة ترتيب سلم الأولويات لإعادة التوازن للغطاء النباتي من خلال اتخاذ جملة من الاجراءات التي تكفل الحفاظ على الغطاء النباتي المتبقي، إلى جانب الاهتمام بزيادة رقعة الغطاء الأخضر ,وما قرار الحكومة السورية مؤخراً إلا خطوة ايجابية بهذا الاتجاه والذي يضمن عودة سريعة للغطاء النباتي إلى سابق عهده، وإحداث تغيير بيئي يعكس ايجابيته على المناخ والزراعة وغيرها.
وبالتالي قرار الحكومة السورية بتوزيع خمسة غراس مجاناً لكل أسرة على مستوى الريف السوري، وخاصة في المناطق التي تضرر غطاؤها النباتي، بفعل التخريب والحرائق المرتكبة من قبل العصابات الارهابية المسلحة، إلى جانب التحطيب الجائر، هذا القرار يأتي ضمن سلسلة من القرارات التي تفرض حماية كاملة على الغطاء النباتي، وعامل مشجع من قبل الدولة للاهتمام بزيادة المساحات الخضراء، في الوقت الذي تشهد فيه العديد من المحافظات حملة تشجير واسعة في مناطقها الريفية، يتم فيها توزيع غراس مجانية باسم حملة التشجير الأسرية، حيث يتوافر لدى وزارة الزراعة وفق”مصادرها” أكثر من 5 ملايين غرسة حراجية جاهزة للتوزيع، وإذا اعتبرنا أن المناطق الريفية تحتوي على ثلاثة ملايين أسرة، فإننا نجد عدد الغراس التي سيتم زراعتها حوالي 15 مليون غرسة، وبالتالي هذا الرقم خلال سنوات قليلة سيشكل حالة بيئية اقتصادية كبيرة تعكس ايجابيتها على الواقع السوري بكل ابعاده، البيئية والاقتصادية والاجتماعية وحتى تعديل في حركة المناخ، وغير ذلك من نتائج ايجابية تفرض نفسها على أرض الواقع، وهذا جل ما نتمناه نحن كمواطنين سوريين بعودة الغطاء النباتي للأرض السورية على امتداد رقعتها.
وهنا نؤكد على أهمية حملة التشجير والتي سبقتها حملات تشجير سابقة نفذتها وزارة الزراعة بمعدل أربع حملات تشجير في العام، تتعاون فيها مع جهات حكومية ومجتمع أهلي وخاصة وزارة التربية والتعليم من خلال المدارس والجامعات وحتى النقابات والاتحادات العمالية والمهنية، وفعاليات المجتمع المدني وغيرها، وذلك بقصد العودة إلى جمالية المساحة الخضراء وزيادة رقعتها، إلى جانب الحالة الاقتصادية والاجتماعية التي يمكن تحقيقها خلال السنوات القادمة والتي هي ليست بالبعيدة في حال استثمر الغطاء النباتي الجديد وتقديم العناية والرعاية المطلوبة للوصول به إلى مرحلة النضج والعطاء وخاصة الأشجار الحراجية المثمرة, وما نتمناه من الحكومة اصدار تعليمات صارمة , وإجراءات تكفل الحماية المطلوبة من الحرائق والتحطيب الجائر الذي يتعرض له الغطاء النباتي في ظل نقص محروقات التدفئة والكهرباء وغيرها.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة