عمى الألوان في تصريحات أردوغان!
خاص غلوبال – محي الدين المحمد
يبدو بأن الاجتماع الأخير بين بوتين وأردوغان لم يحمل أي جديد فيما يتعلق بتطبيع العلاقات بين أنقرة ودمشق، ولم تؤثر كلمات الرئيس الروسي في اجتماع سوتشي بضيفه التركي الذي أصيب بعمى الألوان السياسي.
لقد جاءت تصريحات الرئيس الروسي متوافقة مع ماتم التوصل إليه مع الجانب التركي عبر مسار أستنة، وعبر اللجنة الرباعية وكذلك مع التصريحات الإيجابية التي أعقبت اجتماعات الدفاع والخارجية التركية مع نظرائهم السوريين، حيث أكد الرئيس الروسي بأن تطبيع العلاقات يصب في مصلحة البلدين وأن الشعب السوري هو الذي يقرر مصيره كما أكد على سيادة و وحدة الأراضي السورية.
هو كلام ليس غريباً على مسامع أردوغان لكنه تغاضى عن كل تصريحات ممثليه الإيجابية الى اجتماعات أستنة وسوتشي وتصريحات وزيريه للدفاع والخارجية، عن جدية دمشق بتطبيع العلاقات على أسس القانون الدولي وعلى قرارات مجلس الأمن وعلى البيانات الختامية لاجتماعات أستنة التي بصم عليها الأتراك وفق أسس تؤكد على سيادة ووحدة الأراضي السورية والتي تعني انسحاب كل القوات التي دخلت الأراضي السورية دون موافقة حكومتها وفي مقدمتهم القوات التركية.
إن تصريحات الرئيس التركي الذي لم ير تعاملاً جدياً من قبل الجانب السوري وأنه يريد عقد اجتماعاً مع الرئيس بشار الأسد دون شروط مسبقة، تدل على أنه قد أصيب بعمى ألوان سياسي أو أنه يتعامى عن الأسس التي انطلقت منها جهود روسيا وإيران لإنهاء القطيعة بين البلدين ويحاول إعادة دواليب الزمن إلى الوراء.
لقد تجاوزت دمشق كل السياسات القاتلة لحكومة أردوغان التي عقدت الأزمة في سورية وقوت عصب الإرهاب الداعشي والقاعدي على أرضية وعود أردوغانية بتصحيح سياساته العدائية للشعب السوري ولأن تطبيع العلاقات يتوافق مع مصلحة الشعبين، وأن محاربة الإرهاب تجعل الجميع في خندق واحد، لكن أردوغان لم يحزم أمره في تصنيف جبهة النصرة التي تسيطر على إدلب وربما يعتبرها شريكاً عسكرياً في الشمال السوري رغم أن أمريكا شريكته في حلف الناتو صنفتها إرهابية ومعظم دول العالم الأخرى،وعلى اعتبار أنه مصاب بالحول إضافة للعمى السياسي فإنه لايرى سوى ”قسد“ والأحزاب الكردية كإرهابيين.
لقد قالت دمشق كلمتها الصريحة والواضحة على لسان السيد الرئيس بشار الأسد في اللقاء الذي أجرته سكاي نيوز عربية قبل أسابيع بأن الانسحاب التركي من الأراضي السورية هو شرط أساسي لتطبيع العلاقات، وهو ما تكرره الخارجية السورية في كل المناسبات لأنه أمر لايحتمل التسويف وليس موضوعاً لمفاوضات لكي يتفاصح أردوغان ويعتبر أن الموقف السوري المنطلق من ميثاق الأمم المتحدة ومن قرارات مجلس الأمن والمتوافق مع مخرجات الاجتماعات السورية التركية الروسية الإيرانية هو شروط مسبقة تعكر صفو مزاحه المتقلب.
خطوط الوساطة بين دمشق وأنقرة لم تغلق بعد، حيث صرح المتحدث باسم الخارجية الإيرانية اليوم بأن بلاده مستمرة في جهودها لتقريب وجهات النظر لتطبيع العلاقات بين البلدين.
أردوغان تتنازعه رغبات متناقضة يطمح في تطبيع العلاقات مع دمشق تماشياً مع رغبة الأغلبية العظمى من الشعب التركي وليظهر بأنه لن يتنكر لوعوده الانتخابية لمنتخبيه، لكنه متردد ويحاول التنكر لكل وعوده السابقة ووضع كرته المثقلة بالكذب في الملعب السوري.
ملف تطبيع العلاقات بين دمشق وأنقرة لم يسحب من التداول حتى الآن، لكن تصريحات أردوغان الأخيرة لاتبشر بنتائج تثلج صدور الناخبين الأتراك والشعب التركي عامة، الذي عانى ماعاناه من سياسات أردوغان الخاطئة تجاه الشعب السوري أمنياً واقتصادياً وسياسياً.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة