بورصة السلع اليومية مستمرة، و المستهلك وحده الذي يدفع ثمن سوء تطبيق القوانين
يكاد أن يصبح لبعض السلع بورصة سوداء: المحروقات، الخبز، المواد التموينية، الأدوية، منتجات التبغ ،المياه المعدنية، والقائمة تطول وصولاً إلى أبسط الأمور مثل الكتب المدرسية و غيرها!
وللأسف، شدة السواد تعتمد على وجود الخلل في آلية العمل وضعف الرقابة والمعلوم الذي يتقاضاه بعض ضعاف النفوس القائمون على توزيع وتأمين هذه المواد، وهذا كله يعود إلى تعدد الأسعار للمادة الواحدة ما يخلق الأرضية المناسبة لعمليات “المراجحة” التي تنشأ عند وجود اختلاف بين أسعار سوقين لمادة واحدة لينشط نقل المادة من السوق ذات السعر الأدنى إلى السوق ذات السعر الأعلى، وفي علم الاقتصاد ستؤدي المراجحة في المحصلة إلى تساوي السعر بين السوقين، لكن في عالم الأسواق السوداء وطالما المادة غير متوافرة بالكميات المطلوبة لإشباع الحاجة لها ستستمر الفروقات والمراجحة، وستزداد فروقات الأسعار.
بالرغم من التهديد والوعيد الذي تطلقه جهاتنا الرقابية ووزاراتنا بحق المتاجرين بالمواد الأساسية إلا أن الأرباح الهائلة التي يحققها من يمتهنون الفساد تعمي أبصارهم وتثبط هرمون الأدرينالين المسبب للخوف من القوانين والعواقب المترتبة على مخالفتها.
وحتى عمليات التهريب إلى الأسواق الخارجية أو بالعكس مازالت حتى بعد الحملة الكبيرة التي سمعنا عنها منذ أشهر قليلة على كبار المهربين وحيتان التجار وعدد كبير من موظفي الجمارك، إذ إن أسواقنا متخمة بالمهربات على اختلاف أنواعها بدءاً من منتجات التبغ ومروراً بالمواد الغذائية ووصولاً إلى الأدوية والمعدات الكهربائية وحتى السيارات، من دون أي خوف من القائمين على هذه العمليات لأن ما يربحونه يكفي لإسكات ضعاف النفوس من خلال الهدايا والرُشا.
وبالنتيجة فإن المتضرر الوحيد هو المستهلك الذي يدفع ثمن سوء تطبيق التشريعات والقوانين وكذلك الخزينة العامة للدولة التي تخسر مئات المليارات بفعل الفاسدين.
لهذا؛ فنحن بحاجة في هذا الوقت بالذات إلى ضمان حقوق المواطنين من خلال التشدد في تطبيق القوانين وتوحيد أسعار المواد في أسوقنا والبحث عن الصيغة الأفضل لتوجيه الدعم نحو محتاجيه، وأن نكتفي بنتائج التجارب السابقة في هذا المجال، لأن الوضع المعيشي لم يعد يحتمل ذرف الدموع أو إطلاق التصريحات.
باسم المحمد _ صحيفة تشرين
طريقك الصحيح نحو الحقيقة