ذهب أرضنا “يهدر” لصالح أهل الاستيراد وخطوات متسارعة لتحويلنا من بلد منتج إلى مستورد… فمن المسؤول؟!
خاص شبكة غلوبال الإعلامية – بقلم: رحاب الإبراهيم
أذكر في مقابلة مع أحد كبار صناعيي النسيج و”شيخ المصدرين” ان صحت التسمية، قال كلمات مقتضبة لا تزال راسخة في ذهني.. “بلدنا لا يفقر… ففي وقت تتغنى الدول باحتياطاتها من الذهب الأصفر، نملك ذهب من كل الألوان من نتاج أرضنا… وكل ما نحتاجه توجيه بوصلة الاستثمار الصحيح نحوها وتحويل هذه الثروات إلى منتجات مصنعة بدل تصديرها دوغما”، في تأكيد جديد على أهمية دعم القطاعين الزراعي والصناعي، اللذان يعدان السبيل الوحيد لإنقاذه من حاله المتهالك بعيداً عن سياسة تحويلنا إلى بلد مستورد بعد ما كنا بلد منتج ببركة سياسة الاعتماد على الذات.
كلام الصناعي “المدوزن” لم يطبق طبعاً وذهب أدراج الرياح كغيره من الدراسات والتوصيات التي تحض على ضرورة استثمار خيرات أرضنا ودعم الفلاح واعتباره البوصلة وخاصة أن اقتصادنا زراعي بامتياز، ولا يمكن قطعاً تغطية “سموات” هذه الحقيقة بـ”قبوات” المستوردين ولو امتلكوا من المال أكواماً أو حتى كانوا ملائكة منزلين من السماء، وهم طبعاً لم يكونوا يوماً كذلك في ظل نفعيتهم المعتادة، بشهادة حال اسواقنا الفوضوية، التي لا تظهر لنا سوى تجار جشعين يرفعون الأسعار “كل ما دق الكوس بالجرة”، مستغلين حالة الفارغ الذي تركه غياب منتج محلي منافس بهمة داعمي المستوردين على حساب الفلاح والصناعي وأن كانت التصريحات الإعلامي في واد آخر لكن الواقع يكشف المستور دوماً.
المطالبة بدعم المنتج المحلي وحمايته من المستوردات والمهربات كما تفعل كل دول العالم، لا يعني إلغاء الاستيراد وإنما توجيه وعقلنته، فالأنفع اقتصادياً ومعيشياً استثمار إمكاناتنا الزراعية والصناعية كوننا نمتلك ميزة لا تتوافر في أكثر الدول تقدماً، وتتمثل بتوفر أصناف متنوعة من المنتجات الزراعية ذات المزايا النسبية كالزيتون والقطن والقمح والخضار والفواكه بأنواعها والنباتات العطرية والثروة الحيوانية أيضاً، فالإمكان تصنيع أجود المنتجات عند مد يد العون للفلاح وإنشاء معامل ومنشآت بقصد تصنيع المنتجات الزراعية وفق مواصفات محددة للاستهلاك المحلي وأخرى للتصدير، لكن للأسف هذا لم يحصل سوى بإطار ضيق مع ترك الفلاح بلا سند مع أنه لو إنتاج أرضه لكان حالنا بـ”الويل”، وهنا يحق لنا التساؤل مع طرح الكثير من إشارات الاستفهام عن الهدف من استمرار دعم المستوردين على حساب المنتجين في استنزاف واضح لخزينة الدولة بينما يمكن زراعة وتصنيع المنتجات المستوردة محلياً، ولماذا لا نرى حتى الآن إجراءات فعلية تفعل سياسة الاعتماد على الذات المجدية اقتصادياً من كل النواحي بدل إفادة اقتصادات دول أخرى استيراداً وتهريباً.
وقوف اقتصادنا على رجيله بدون عكازات الاستيراد يتطلب بالدرجة الأولى تفعيل استراتيجية الاعتماد على الذات والإعلان أن اقتصادنا زراعي وصناعي بامتياز، فالاستمرار في دعم المستوردات كرمى قلة من التجار المتشاركين في المنافع مع بعض الفاسدين لن ينتج سوى اقتصاد أعرج لاعتماده على منتجات الغير، بالتالي الحل والربط يكون بتدعيم سياسة الانتاج المحلي و”صنع في سورية”.. فكما يقال “ثوب العيرة ما بيدفي”… والعمل على إعادة تنفيذ وصفة الترياق المتمثلة بـ”الأكل مما نزرع واللبس مما نصنع” كونها تشكل طريق الخلاص لانتقال أغلبية الأسر إلى بر الأمان الغذائي مع مقدرتها على تحويل ورقة العقوبات الاقتصادية الضاغطة إلى ورقة رابحة تقوي شكيمة القطاعات الحيوية وتحسن معيشتنا تدريجياً مع فكفكة شبكات الفساد المتحالفة مع تجار الاستيراد المحتكرين، الذين أكلوا الأخضر واليابس ولا يزال يطلبون المزيد على حساب أغلبية الشعب… فهل سنرى تغيراً في المطبخ الاقتصادي عبر قرارات جريئة ترد بلاء المستوردات وتدعم المنتج المحلي أم أن أهل المال “الملوث” سيفرضون كلمتهم كالعادة، ما يجعل معيشتنا رهينة تسعيرهم غير الرحيم، بينما بالمقدور تمكين الأسرة من الظفر بلقمة طيبة من خيرات أرضنا بعيداً عن هرمونات الاستيراد… فمن المسؤول…؟!
طريقك الصحيح نحو الحقيقة