علم فلك “اقتصادي”
غلوبال اقتصاد
خاص غلوبال – مادلين جليس
منذ سنوات طويلة، وعندما باشرت عملي في الصحافة عموماً، ومن ثم بالصحافة الاقتصادية خصوصاً، كان الخبراء والمحللون الاقتصاديون كثر، وكان أساتذة الجامعة أكثر منهم، وكانت المشكلات الاقتصادية كثيرة لاتعد ولا تحصى، “ارتفاع الأسعار، تذبذب سعر الصرف، تضخم، صعوبة استيراد، بطالة، اقتصاد غير رسمي، تسعير إداري” وغيرها من المشكلات والمواضيع الاقتصادية التي طرحت مراراً وتكراراً، وفي أكثر من زاوية، وبأكثر من تحليل، وبأكثر من حل أيضاً.
في تلك السنوات كانت هذه المشكلات حديثة العهد، أو لنقل لم تكن واضحة في الاقتصاد السوري كما هي الآن، كما أن وقعها كان يظهر تدريجياً تبعاً لتأثيرها على الاقتصاد السوري عموماً وعلى المواطن السوري خصوصاً.
وعلى الرغم مما ذكرته مسبقاً من حداثة هذه المشكلات، إلا أنني وغيري من الزملاء الصحفيين لم نقابل يوماً ما رداً من أحد هؤلاء المحللين الاقتصاديين، ولم نسمع من أحد الأكاديميين جواباً يقتصر على عبارة “لا أعرف”.
لم يبادر خبير بالرد على سؤالنا حول إمكانية حل مشكلة ما طالباً رأينا: شو رأيك إنت؟.
ولم يقرر باحث أن يتراجع عن الرد بعد اكتشافه أن الكلام أصبح مكرراً ولا حاجة له، أو أن هذه المشكلة الاقتصادية موجودة منذ عشر سنوات، ولا حل لها.
أقف اليوم مذهولة من الردود التي يرسلها لنا محلل اقتصادي، مع التأكيد على إلحاق صفة الخبير باسمه، خاصة عندما يقول إن الرؤية غير واضحة، ولا أحد يعرف إلى أين يسير الاقتصاد السوري.
أهي المشكلات تضخّمت مواكبةً أسعار السلع والمنتجات، أم إنّ الحلول تراجعت، كما تراجع الإنتاج، أم إنّ الدراسات والأبحاث توقّفت كما توقّف النمو الاقتصادي؟ ماهي المشكلة الأساسية؟ وما الحلول الواجبة؟.
ما دعاني لهذا الكلام، هو جواب خبير اقتصادي قصدته البارحة لأضمّن مقالي الصحفي برأيه بصفته خبيراً و محللاً اقتصادياً معروفاً، عندما قال لي: سمعت إحدى علماء الأبراج والفلك يقولون إن العام 2024 سيكون عام الماء، وأن الصراع على الماء سيأخذ المساحة الأهم فيه، وبالتالي فالخوف من عدم إمكانية متابعة نقل المنتجات والسلع عبر البحر، وارتفاع أسعارها تبعاََ لذلك، وإمكانية وصول البواخر بأمان إلى الموانئ التي تقصدها، خاصة بالمسافات الطويلة، أو التي تتطلّب مروراً بأحد مناطق الصراع.
في البداية، قرأت رده وأنا أبتسم وأضحك، ظننته يتحدث ممازحاً، لكنني سرعان ما اكتشفت أنه لا يمزح، بل يتكلم بكل جدية، بانياً تحليله الاقتصادي على كلام عالمة الفلك، وعلى استقرائها للأحداث ولتحركات الكواكب والنجوم.
لم تطاوعني يدي، وسارعت محاولة الرد على الجزء الأول من تحليله الاقتصادية مقاطعة له علّه يتوقف عن كتابة الجزء الثاني، لكنه تابع الكتابة والتحليل وطرح الحلول بناء على ما قد يطرأ من أحداث فلكية جديدة.
مع تذكيري بإضافة صفة الخبير لصفته الأكاديمية، لكنني رددت ممازحة: الأصح يا دكتور نكتب الصفة “عالم فلك اقتصادي”.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة