“قسد” تستنفر جماعاتها وتكثف الجهود المضادّة للمشروع التركي
ما إن أعلنت أنقرة نيّتها إعادة توطين نحو مليون لاجئ سوري، ونقلهم من الداخل التركي إلى المناطق التي تحتلّها في الشمال السوري، حتى اعتبر الأكراد السوريون أن المشروع يستهدف تغيير التركيبة الديموغرافية لمدينة عفرين، و«تعريبها».
ولذلك، تكثّفت الجهود المضادّة للمشروع التركي، في محاولة لاستعطاف جهات دولية متعدّدة لمنع تنفيذه، وللتذكير بضرورة اتّخاذ تدابير تُنهي الاحتلال التركي لعدد من مدن الشمال.
وكتبت صحيفة “الأخبار” اللبنانية: على رغم أن الخطاب التركي يؤكّد أن مشروع بناء المدن والقرى السكنية البديلة للاجئين، لا يستهدف عفرين بعينها، بل سيشمل مناطق في جرابلس والباب وإدلب ورأس العين وتل أبيض، إلا أن الإعلان عن افتتاح مجمّع سكني بـ100 منزل بـ«تمويل فلسطيني» في عفرين، أعطى مؤشّرات حول نوايا تركية غير معلنة لتركيز خطّة إعادة التوطين في هذه المنطقة التي يشكّل الأكراد غالبية سكّانها الأصليين.
والظاهر أن حكومة رجب طيب إردوغان تريد تحقيق أكثر من هدف من خلال الإعلان عن مشروعها هذا، أبرزها القضاء على أيّ محاولات لتجديد نشاط «حزب العمال الكردستاني» في عفرين، في حال أفضت الحلول السياسية لاحقاً إلى انسحاب تركي من مدن الشمال السوري. كما أن للمشروع خلفيات سياسية داخلية، في إطار التجاذبات بين حكومة «حزب العدالة والتنمية» وأحزاب المعارضة حول ملفّ اللاجئين السوريين، قبيل الانتخابات الرئاسية في العام المقبل.
وفي هذا الإطار، يكثّف الإعلام التابع للحزب ترويجه لأهمية مشروع تصدير اللاجئين، وتصويره بوصفه نجاحاً لتركيا في ما لم تستطع حتى الأمم المتحدة تنفيذه.
كما ردّ الإعلام التركي، بصورة غير مباشرة، على الاتهامات الكردية المتكرّرة لأنقرة بالسعي لإحداث تغيير ديموغرافي كبير، من خلال التأكيد أن «المشروع سيكون شاملاً، وسيُنفّذ في 13 منطقة».
في المقابل، بدأت القوى الكردية مساعيها لاستدراج ضغط دولي على تركيا، من خلال إعادة تسليط الضوء على الانتهاكات التركية بحقّ الأكراد في منطقة عفرين، وتوطين آلاف العوائل منذ احتلال المدينة قبل نحو أربع سنوات عقب معركة «غصن الزيتون».
وتجلّى هذا النشاط الكردي عبر حملة تظاهرات واحتجاجات في غالبية مناطق سيطرة «الإدارة الذاتية»، توازياً مع تنظيم ملتقَى حوارٍ وصفته «قسد» بـ«الدولي» بعنوان «عفرين ما بين الاحتلال التركي والمصالح الدولية»، الأسبوع الماضي، للإضاءة على المخطّطات التركية التي تستهدف المدينة.
وصدر عن المؤتمر بيان ختامي دعا فيه المنظّمون «الحكومة السورية إلى إلغاء اتفاقية أضنة مع تركيا»، مطالبين الأمم المتحدة بـ«إرسال لجنة دولية لتقصّي الحقائق حول الانتهاكات التركية، ومجلسَ الأمن الدولي بعقد جلسة لمناقشة هذه الانتهاكات».
وفي السياق نفسه، حشدت «قسد» المنظّمات والجمعيات العاملة في الداخل السوري وأوروبا، لكسب التعاطف العالمي في وجه المخطّط التركي.
وأصدرت جمعيات ومنظّمات عدّة بينها «المرصد السوري لحقوق الإنسان» و«مركز عدل» و«منظمة ماف»، وجميعها مقرّبة من «قسد»، بياناً تمّ توجيهه إلى مؤتمر بروكسل السادس وإلى الأمم المتحدة، رفضت فيه إحداث أيّ تغيير ديموغرافي في شمال شرقي البلاد.
وقال مصدر والبيان إن «المخطّط يهدف إلى إحداث فتنة وحرب أهلية في المنطقة ضمن سياسة التغيير الديموغرافي، وتدمير التركيبة السكانية، تحت مزاعم عودة اللاجئين».
طريقك الصحيح نحو الحقيقة