طالب البكالوريا يكلف أهله ما يقارب 10 ملايين ليرة… فمن يوقف بورصة الدروس الخصوصية؟!
خاص شبكة غلوبال الإعلامية _ بقلم علي عبود
لم تتوقف بورصة الدروس الخصوصية حتى مع بدء الامتحانات فقبل يوم من امتحان كل مادة تتنافس الأسر المقتدرة ماليا وحتى بعض الأسر محدودة الدخل على استقدام أساتذة “مشهورين” لإجراء عملية سبر سريعة للطالب لقاء مبالغ باهظة يصل أجرة الجلسة الواحدة فيها إلى أكثر من 100 ألف في مادة أساسية كالرياضيات أوالعلوم ،وربما أكثر، أي حسب الأستاذ (عادي أم مشهور) خاصة إذ كان من بين المكلفين بوضع أسئلة امتحان المادة المعنية بالدرس الخصوصي!
ولم يُخطىء من أطلق على الدروس الخصوصية بالسوق أوالبورصة فهي تحولت إلى ذلك بحكم الأمر الواقع مع تراجع مستوى التعليم في المدارس الحكومية من جهة، ومع إصرار الحكومة على رفع درجات القبول في الكليات العلمية إلى حد كادت أن تصل إلى العلامة التامة!
نعم.. لانبالغ بوصف واقع الدروس الخصوصية بالبورصة لأن تكلفة طالب المرحلة الثانوية في هذه البورصة تصل إلى مالايقل عن 3 ملايين ليرة للمدرس غير المختص، ومن7 ملايين إلى 10 ملايين للأستاذ المختص، أوبالأحرى المشهور، وتزداد في حال كان من المتنبئين بأسئلة الإمتحانات باعتباره واحدا من واضعيها!
وبما أن مامن أسرة إلا وترغب بأن يكون طلابها من “السوبر متفوقين” فإنها تبدأ بـ “استئجار” مدرسين لهم مع بدء العام الدراسي اما لكل المواد كما هو حال المقتدرين ماليا، أوللمواد الأساسية كالرياضيات والعلوم بالنسبة للأسر ضعيفة الدخل حتى لو أضطرت لبيع أرض تملكها أولاستجرار قرض مصرفي أو التضحية بمدخرات عمرها..!
وليس صحيحا أن الدروس الخصوصية تقتصر على طلاب المدارس الحكومية، بل هي منتشرة أكثر في صفوف المدارس الخاصة لأن عائلات طلابها من”صفوة المجتمع” ويتباهون أنهم منخرطون حتى العظم ببورصة الدروس الخصوصية، في جلساتهم الخاصة مع نظرائهم بحجم المبالغ التي ينفقونها على أساتذة أولادهم!
وبحكم هذا الواقع “تفنن” المدرسون الخصوصيون باستنباط “آليات” غير مسبوقة في بازار التعليم، فهم يعطون الحصة الدرسية الخاصة للطالب المقتدر منفردا، أولعدة طلاب دفعة واحدة يتقاسمون فيما بينهم “أجرة” الأستاذ الذي يهتم أولا وأخيرا بالحصيلة المالية لقاء زمن محدد!
كما يقوم بضعة أساتذة خلال العام الدراسي بتنظيم دورة لعدد محدد من الطلاب لايقل قسطها عن مليون ليرة لكل طالب!
والسؤال الذي يجب أن تجيب عنه الحكومة قبل وزارة التربية: من يُشعل بورصة الدروس الخصوصية قبل شهر أو أكثر من بدء الإمتحانات الرسمية؟
الأسباب كثيرة بدأت بضعف رواتب المعلمين قبل الحرب، ووصلت إلى مرحلة اللهاث وراء تأمين دخل يكفي لمواجهة أعباء المعيشة التي تحتاج الأسرة الواحدة إلى مالا يقل عن مليون ليرة شهريا لتأمينها هذه الأيام.
ومما لاشك فيه أن وزارة التربية هي المسؤول المباشر عن خلق بورصة الدروس الخصوصية لأنها لم تعمل على تحسين دخل المعلمين من خلال تنظيم دورات لطلاب الشهادات مثلا مقابل أجر مادي مجز للكادر التدريسي!
وكان ولايزال بإمكان وزارة التربية تخصيص قناة على اليوتيوب يلقي عبرها الأساتذة المتخصصون دروسا بكل المواد مقابل أجر مادي..الخ.
ولعل المسؤول الأول والأخير عن إشعال بورصة الدروس الخصوصية قبل شهرين على الأقل من بدء الامتحانات هي لجنة الإستيعاب الجامعي برئاسة رئيس الحكومة،فهذه اللجنة التي تُرغم الطلاب على التسجيل في الكليات حسب ما حصلوا عليه من علامات وليس حسب رغباتهم، فهي التي تُشعل بورصة الدروس الخصوصية في كل مرة ترفع فيها معدلات القبول!
الخلاصة… لايمكن اجتثاث بورصة الدروس الخصوصية إلا بتحرير الناجحين في الإمتحانات العامة من كابوس العلامات ومنحهم الحرية بالتسجيل في الكليات التي تناسب رغباتهم أسوة بغالبية دول العالم، مع إمكانية إجراء امتحانات قبول في بعض الكليات للمواد الاختصاصية كالطب والصيدلة!
صحيح ان الدروس الخصوصية حسب رأي وزير التربية (حرية شخصية ولا يمكن منعها) ، ولكن فليجب على السؤال: من يُرغم الأسرة على الإنخراط قسرا في بورصة الدروس الخصوصية؟
طريقك الصحيح نحو الحقيقة