ما الجدوى الاقتصادية من الخط الائتماني الإيراني؟
خاص شبكة غلوبال الإعلامية – بقلم: علي عبود
تصدّر تفعيل الخط الإئتماني الإيراني اهتمام السوريين للمرة الأولى منذ عام 2013، تاريخ تأسيس هذا الخط، والسبب انه ارتبط بحلحلة أزمة المحروقات غير المسبوقة التي أرخت بظلالها الثقيلة على شرايين الحياة الإقتصادية والخدمية، وكانت أبرز مظاهرها تقنين قاس جدا للكهرباء، وتوقف الكثير من وسائط النقل والمعامل والورشات عن العمل والإنتاج.
وسواء كانت “حلحلة” الأزمة نتيجة لتفعيل أو تجديد خط الإئتمان الإيراني في سورية، فإن الأمر يتعلق أولا وأخيرا بالجهات السورية المكلفة بتنفيذ بنود الخط، وليس بإيران، فالمسألة بغاية البساطة: سورية تحدد ماتريد من مواد وسلع، وإيران تستجيب وتقوم بالتوريد وفق برنامج زمني!
والدليل على تقصير الجهات “البيروقراطية” السورية، أن زيارة الرئيس بشار الأسد إيران أثمرت سريعا بتفعيل الخط الإيراني بعد تجميده لمدة ثلاث سنوات لأسباب غير معلنة، وتجسدت بوصول عدة بواخر نفط إيرانية إلى مرفأ بانياس تكفي لتشغيل مصفاة بانياس لمدة 19 يوما لتبدأ بعدها حلحلة أزمة المحروقات تدريجيا وبوتيرة متسارعة خاصة مع وصول المزيد من ناقلات النفط وفق برنامج زمني محدد مسبقا.
ولا نستبعد ان تكون “مافيا المحروقات” التي اشارت إلى وجودها نقابة عمال النفط منذ أكثر من سبع سنوات وراء التسبب بأزمة المحروقات من خلال علاقات الفساد التي تربطها بمفاصل اتخاذ القرارات أوعرقلة تنفيذها في العديد من الدوائر الحكومية، فأي انفراج في هذه الأزمة يعني بالنسبة لها خسائر بالمليارات!
كما لانستبعد إن تكون قلة من المستوردين المتنفذين التي احتكرت لسنوات عديدة استيراد النفط عبر المرافىء اللبنانية في ذروة الحصار على سورية، هي وراء تجميد الخط الإئتماني الإيراني لأنه يحرمها من شفط المليارات شهريا!
هو تقديم تسهيلات مالية وقروض ذات فوائد ميسرة، تمنحها البنوك والمؤسسات المصرفية والمالية في دولة ما، لعملائها في دولة أخرى، ضمن قيمة محددة متفق عليها بين الجانبين.
هذا التعريف الإقتصادي للخط الإئتماني ينطبق100% على الدول التي تحركها المصالح المتبادلة، لكن الأمر يختلف بالنسبة لإيران وسورية فهما دولتان حليفتان منذ عام 1979 تاريخ وقوف سورية بالكامل مع الثورة الإسلامية في إيران، وبالتالي فإن الخط الإيراني الأول في سورية الذي تأسس في عام 2013 بقيمة مليار دولار كان هدفه كسر الحصار المفروض على سورية، تبعه خط آخر بقيمة 3 مليارات دولار لتمويل احتياجات البلاد من المحروقات وخط ثالث في عام 2015 بقيمة مليار دولار، لتمويل استيراد البضائع والسلع وتنفيذ المشاريع..الخ.
والأهم إن إيران لم ولن تطلب تسديد المبلغ (القرض) المتفق عليه في الخط الإئتماني بالقطع الأجنبي كما هو الحال بين الدول الأخرى التي تربطها خطوط إئتمانية ،بل ستسدد سورية قيمة الخط، أي القرض، بالليرة السورية على شكل مستلزمات تحتاجها الشركات الإيرانية التي تستثمر في سورية، أوعلى شكل صادرات لسلع ومواد سورية، ومن هنا تأتي أهمية الخط الإئتماني الإيراني في سورية فهو يكسر الحصار ويشجع على الإستثمار الإيراني في مشاريع البنية التحتية ،ويتيح سوقا كبيرة للصادرات السورية.
ومن المهم الإشارة إلى أن خط الإئتمان الإيراني ليس حلا لأزمة المحروقات وإنما هو يمنع وقوع كارثة تشل حياة الناس والإقتصاد كما حدث في الأيام الأخيرة!
الخلاصة: الجدوى الإقتصادية للخط الإئتماني الإيراني هي بتوريد الحد الأدنى من المحروقات المطلوبة لتأمين ما أمكن من كهرباء لدوران عجلة الإنتاج، واتاحة ساعت إنارة لاتنغص حياة الناس كثيرا، أما الحل الجذري فلن يكون إلا بعد استعادة حقول النفط التي ينهبها المحتل الأمريكي وعميلته “قسد”.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة