خبير اقتصادي يحذّر عبر ”غلوبال” من أزمة مائية في سورية هي الأخطر منذ عقود
يعيش العالم اليوم هواجس الوقوع في أزمة مائية ستسبب العطش نتيجة التغيرات المناخية خلال الأعوام الماضية.
هذه الخطورة لا يستطيع أحد أن يتجاهلها سواء على مستوى الشعوب الواسعة، أم على مستوى مؤسسات وحكومات الكثير من الدول، لا سيما في ظل التدهور البيئي وظهور كوارث طبيعية نتيجة الإنزياح المناخي والجغرافي، الأمر الذي ترك الكثير من الآثار السلبية على مستقبل الشعوب، ونحن في سورية والوطن العربي لسنا ببعيدين عن هذا التأثير بل في قلبه.
الخبير الاقتصادي الدكتور حيان سلمان، حذر من أننا، في سورية والوطن العربي قد ندخل في أزمة مائية كبيرة هي الأخطر منذ عقود مضت، ستترك أثار سلبية وانعكاسات خطيرة على كافة جوانب الحياة الاقتصادية والاجتماعية.
و رأى الدكتور سلمان في تصريح خاص لـ”غلوبال”، أن العالم ككل سيدخل في أزمة جفاف سترخي بثقلها على الأمن المائي العالمي، و السبب في ذلك يعود لعدم التزام الدول وخاصة الصناعية منها في اتفاقيات الحد من الصناعات التي تعبث بالبيئة وتفرض حالة تغيير مباشرة سلبية على الأمن المائي والغذائي، نتيجة التغييرات المناخية والاحتباس الحراري وقلة الامطار وزيادة الملوحة والأخطر تراجع الغطاء النباتي العامل المهم في تحقيق استقرار المناخ ووقف توسع الجفاف في العديد من المناطق في العالم.
وقال سلمان: سورية ستعاني من أزمة مائية كبيرة مع توقعات بتفاقمها مستقبلاً وخاصة أن مصادر مياهها خارجية بنسبة تتجاوز سقف 70%، الأمر الذي سيؤدى إلى حالة تصحر كبيرة، حيث بدأنا نعيشها بصورة مباشرة وذلك من خلال تغييرات المناخ وانزياح الفصول بدليل سقوط الامطار خلافاً للمعتاد وظهور الكوارث الطبيعية والفيضانات، وأخطرها ما يفعله النظام التركي لسرقة مياه دجلة والفرات.
وأضاف الخبير الاقتصادي: سنجد حالة الضغط على المياه والحاجة لها ستزداد مستقبلاً بسبب ارتفاع معدلات النمو السكاني مقابل تراجع واردات المياه، الأمر الذي يؤدي الى انفجار مشكلات سكانية وبيئية إذا لم تتخذ الدول اجراءات واضحة وسريعة للحد من الانزياح المناخي، ووقف الجفاف الذي تتسارع خطواته وخاصة تشجيع فرص الاستثمار في المياه ومشاركة الجميع فيها وخاصة في سورية التي تشهد عجزاً مالياً يقدر بنحو ثلاثة مليارات متر مكعب من المياه، مقابل اجراءات خجولة لم ترق الى مستوى خطورة المشكلة..!
حالة القلق من الوضع المائي وتراجع مصادره، تحدث عنها أيضا الخبير الزراعي أحمد قاديش، الذي أكد في تصريح لـ”غلوبال”، أنّ الجفاف في سورية كان يضرب البلاد كل ٢٧ سنة حيث تأتي سنة جفاف وعجاف، أما في العقدين الأخيرين أصبح الجفاف كل ٧ سنوات تأتي سنة جفاف، و حالياً أصبح متتالية ومنذ العام 2017 تكررت الحالة لعدة مرات آخرها في العام 2021.
وقال قاديش: حسب التقديرات والمؤشرات فهناك حالات قلق شديدة من التكرار، وهذا لن يقف عند هذا الحد فهناك تهديدات بيئية ومناخية أخرى أهمها المياه والموارد المائية المتاحة وعجز مائي، إذ أن الاحتياج السنوي يبلغ 16 مليار متر مكعب من المياه بينما ما يتم تأمينه من خلال الأنهار والينابيع والآبار 13 مليار وهذه الأمر يحتاج لإدارة ناجحة لتأمين ديمومة المصادر واستثمارها بالشكل الأمثل.
واضاف: هذا الأمر سيؤدي لانخفاض في المحاصيل، ما سيهدد الأمن الغذائي بشكل كبير، وهذا يستدعي بالضرورة السعي الجاد من قبل الحكومة وكافة الجهات المعنية لاستثمار أمثل للموارد الطبيعية وخاصة لجهة الأراضي والمياه بشكل أمثل ومستدام للاستفادة منها حتى لا نصل الى مرحلة يكون فيها الأمن الغذائي في سورية مقلق نتيجة الصراعات والحروب الاقتصادية وتأثرات المناخ، كما يجب اتخاذ اجراءات عالية المستوى لتخفيض فاتورة العجز المائي، والبحث عن فرص استثمارية للموارد المائية المتوافرة وتسخيرها لتنشيط قطاعي الزراعة والصناعة لأنهما عماد الاقتصاد الوطني ويحملان الاستقرار لمعيشة المواطن بكل أبعادها.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة