حسبة مكشوفة للمال الخاص!
خاص شبكة غلوبال الإعلامية – بقلم: سامي عيسى
حسبة بسيطة تحمل عناوين كثيرة، ندخل فيها بمتاهات رأس المال الخاص الذي يحاول الدخول باستثماراته من أوسع البوابات التي لم تفتح بعد أمام استراتيجية تحمل طموحات أصحابه، باستثمارات تفرد أجنحتها على الواقع المتلبّد بغيوم لا تحمل المطر، في ظل ظروف صعبة جداً، نسجت خيوطها مؤامرات أهل الحرب على بلدنا، وحصارهم الظالم وعقوباته الاقتصادية التي طالت كل شيء في حياة المواطن، وتركت آثارها بصورة لا يخجل أمامها الكثير من أصحاب رؤوس الأموال، الذين تماشوا معها واستغلوا فيها معيشة المواطن في حلقات واسعة وسريعة المردود بحجج ومبررات مختلفة، أهمها فرضية رأس المال الخاص الجبان الذي تقيده وسمحت له بسلوك طريق الاستغلال والدخول بمشروعات ضعيفة، المستفيد منها أصحابها بكليتها والخاسر فيها المواطن بالدرجة الأولى، وخزينة الدولة بالدرجة الثانية، وإذا ما قارنا بين الخسارتين فهي واحدة لا تحمل إلا تفسيراً واحداً يشمل حالة الجبن لرأس المال الخاص، والهروب بمشروعاته إلى حافة الرصيف الاقتصادي الذي ينعم أهله بمردودية سريعة، وإنتاجية أسرع تزيد من جشعهم وحبهم لتكديس الثروة، مع ما يقابلها من حالة هروب من تحمل المسؤولية الوطنية، في ظل ظروف صعبة يمر بها البلد وهو بحاجة لاستثمار كل ليرة للتعويض عن حالة النقص الاقتصادية على كافة الجبهات!
كل ذلك يقودنا إلى مقولة أن رأس المال الخاص (جبان..!) وهذه المقولة صادقة بكل حساباتها، وإثبات ذلك ليس صعباً، ولا يحتاج للكثير من الأدلة والبراهين، فالممارسة اليومية لأصحابه خير دليل وبرهان، القطاع الاقتصادي بأجنحته الصناعي منها والزراعي والتجاري جميعها تضج باستثمارات ورؤوس أموال خاصة، لكنها تسير ببطء كبير من شدة الجبن، وهواجس الخوف المتنوعة والمختلفة خشية الوقوع بالخسارة ولو لبعض الليرات!
والمؤشر الأهم على مواقع رأس المال الخاص هو تواجدها ضمن جوانب اقتصادية قصيرة الأجل، ذات مردودية سريعة (وهي كثيرة موجودة في كل مكان) بحيث إذا تعرضت لأي انتكاسة، أو ظرف أمني تمتلك خيار المناورة والهروب والإفلات بأقل الخسائر، وهنا يكون التأثير السلبي في حدوده الدنيا، وهذه مسألة من أخطر مكونات رأس المال، لأنها تغلف المستثمر بمخاوف وحسابات تثير قلقه، وتضعه ضمن دوامة استفسارات وتساؤلات وفرضيات تدخله في حالة إرباك مستمرة، تبعده عن التفكير الاستراتيجي بمشاريع بحجم وطن، تحقق الفائدة التي تصيب بها ثلاثة أهداف دفعة واحدة ( مصلحة رأس المال– معيشة المواطن- خزينة الدولة) وما أكثر الجبناء من أصحاب رؤوس الأموال الذين يبتعدون بمالهم واستثماراتهم في هذه الفائدة لما يحملونه من حالة جبن وخوف تسيطر على كل خطواتهم!
وخير دليل ما تطرحه الدولة السورية من شركاتها الخاسرة للاستثمار وفق مبدأ التشاركية، أو وفق صيغ أخرى ضمن تركيبة قانون الاستثمار، إلا أن ذلك لا يروق لهم، وما يروق لهم ويلبي الرغبة النظر إلى الشركات الرابحة فقط، لأنها منهل جيد لهم ومردودها مضمون، وهذا إن دل على شيء يدل على حسابات المصالح الفردية، ولو كانت على حسابات المصلحة العامة، وما نريد قوله: نحن نريد تشاركية، ورأس مال وطنياً يحمل هموم البلد ومعيشة المواطن، واستثمارات مشجعة لتحقيق معادلة الاقتصاد الوطني للجميع، فهل ننتظر طويلاً لنشهد ولادة ما قلناه نحن السوريين أينما وطئت أقدامنا؟!
طريقك الصحيح نحو الحقيقة