خبر عاجل
سورية وإيران في مواجهة التغير المناخي… القنصل الإيراني بحلب لـ«غلوبال»: ضرورة التعاون المشترك بين دول المنطقة لتجنب آثاره الكارثية  هل انتهى الاستثمار  بـ”اللاجئين” السوريين شكاوى تردي واقع الكهرباء مستمرة… مصدر بكهرباء ريف دمشق لـ«غلوبال»: التغذية حسب التوليد ومحطة يلدا ستحسن التيار بعدد من المناطق تكاليف صيانة قطع الغيار بملايين الليرات… نائب رئيس الجمعية الحرفية لصناعة السيارات بدمشق لـ«غلوبال»: ارتفعت 40 % خلال أقل من عام تجمعات القنيطرة في جديدة الفضل عطشى… رئيس البلدية لـ«غلوبال»: بئران معطلان مع مشكلة الكهرباء وقريباً ستحل المشكلة انتهاء الرحلة الاحترافية للسوري ثائر كروما مع نادي مومباي سيتي الهندي تعرض ثلاثة أشخاص لعضة حيوان مجهول بقرية الوردية بالشيخ بدر بطرطوس… رئيس البلدية لـ«غلوبال»: عملنا على رش الطعوم السامة ولم يعد له أثر 26 مركزاً لاستلام محصول الشعير… مدير عام الأعلاف لـ«غلوبال»: التسعيرة ستكون منصفة ومدعمة بالتسهيلات بعد جهود وساعات من البحث… مدير الدفاع المدني بحمص لـ«غلوبال»: العثور على جثة الطفلة الغريقة قرب قرية الهاشمية أجواء ربيعية معتدلة… الحالة الجوية المتوقعة
تاريخ اليوم
صحة | محلي | نيوز

العطارة في سورية.. يتدواى بها الفقراء ويدعو إلى تنظيمها أكاديميون



منذ أكثر من ثلاثمائة عام ما يزال سوق العطارين أحد أشهر أسواق دمشق القديمة المتفرع عن سوق البزورية شاهداً على مهنة متوارثة عن الأجداد.
وتشهد العطارة في سورية إقبالاً لافتاً محلياً وعربياً. وغالباً ما يردد المتداوون عبارة شائعة تقول: “الأعشاب إذا ما فادت ما بتضر”.

ومع الارتفاع غير المسبوق في تكاليف العلاج في البلاد، بات الاعتماد على أدوية “العطارين والطب البديل (العربي)” ملاذاً لذوي الدخل المتدني والمحدود.
ولكن تناول هذه الأعشاب دون الاعتماد على جرعات محددة إضافةً إلى أن خلط أعشاب مع أُخرى يمكن أن تؤدي إلى نتائج لا يُحمد عقباها وتدهور الوضع الصحي للمريض.

وتعرض مريض يعتمد على علاج العطارين ويتناول الأعشاب بشكل مفرط، لنتائج سلبية بعد أن وصف له أحد العطارين عشبة “السنمكي” كعلاج للإمساك دون تحديد الجرعة والكمية المناسبة لتناولها، ما أدى لارتخاء القولون بسبب الاعتياد وكسل الأمعاء، فتأزمت صحة المريض بشكلٍ لافت.
هذه الحالة ومثلها حالات كثيرة دفعت لانتقاد مهنة العطارة التي لا تعتمد على أسس علمية وفق أكاديميين.

يقول أستاذ النباتات الطبية والعطرية في كلية العلوم بجامعة حلب عبد العليم بلو لـ”هاشتاغ” إن معظم العطارين لم يتلقوا أي تعليم أكاديمي.
وبالفعل فإن معظم أصحاب المهنة أخذوها عن آبائهم وأجدادهم،  وبالتالي فإن إمكانية “وقوعهم في أخطاء مختلفة وارد بشكلٍ كبير” بحسب بلو.


ومن هذه الأخطاء الخلط بين عشبة وأُخرى ، إذ يمكن أن يصف العطار لأحدهم عشبة معينة ولكنها ليست هي المطلوبة، الأمر الذي يحصل بشكل كبير بسبب وجود عدة نباتات مختلفة ولكن لها اسم عربي واحد.
وطرح الدكتور “بلو” مثالاً عشبة “المليسة” التي يعلم المختصون بوجود أكثر من نوع نباتي يحمل الاسم نفسه وأيضاً العكس، ناهيك عن بعض الأعشاب التي لها عدة أسماء.

ولفت “بلو” إلى أن الحل مثل هذه الإشكاليات من خلال تطابق صفات النبات مع اسمها العلمي، أي تحديد هوية النبات وهذه مهمة المصنف النباتي العارف بأشكال النباتات وأنواعها وفصائلها وأماكن انتشارها.
وأضاف الأستاذ الجامعي: “التصنيف النباتي اختصاص في كلية العلوم قسم النبات”.


🔹️عطارين “بشهادة”
انتقد العطار “أبو أحمد” في حديث لـ”هاشتاغ” ما يُقال حول عدم معرفتهم بأصناف وأنواع النباتات وعده “أمراً مجحفاً”.

وبحسب رأيه من الخطأ التعميم والقول إن: “العطارة مضرة أحياناً” كونه يعمل في هذه المهنة منذ ثلاثين عاماً وراثةً عن أبيه الذي ورثه بدوره عن جده، إضافةً إلى دراسته للصيدلة.
وبين أن الكثير من العطارين أكملوا تعليمهم الأكاديمي الذي يخدم مجالهم وليسوا جهلة كما يحاول ترويجه البعض.
كما أنهم لم يعتمدوا فقط على ما ورثوه من خبرة بالرغم من أهميتها. فمن غير الممكن التقليل من أهمية الخبرة ليس في مجال العطارة فقط وإنما في مجالات عديدة تُعد الخبرة أهم من الشهادة.
وأضاف أبو أحمد: “العطار ليس طبيباً ولكن لديه خبرة بالأعشاب الطبيعية”.

🔹️تدريب وتأهيل
لكن الاستاذ الجامعي “بلو” يقول إن “انتقاد عمل العطارين ليس غايته رفض دورهم لما لهم من أهمية في المجتمع، ولكن الهدف تقليل الأخطاء و زيادة فاعلية الطب الشعبي”.

واقترح “بلو” ضرورة إخضاع العطارين إلى التدريبات في مجال التصنيف والتعريف الدقيق للنباتات، واستخداماتها لأنهم لا يعلمون سوى الاسم الشائع للنبات، أو أن يساعدهم مختَص بتحديد هوية النباتات بدقة.
وأيضاً “يجب أن يتلقوا التدريبات في أوقات جمع النباتات وتحديد أجزائها الفعالة. فبعضها تكمن فاعليتها في الجذور، وأُخرى في الأوراق”، طبقاً لـ”بلو”.

وأوضح “بلو” أن هذه الفاعليات ربما قسم كبير من العطارين على علم بها، ولكن الأوقات الصحيحة لجمع النبات يمكن أن لا يكونوا على دراية بها، فبعض النباتات تُجمَع في آخر الربيع، وأُخرى في الخريف.
فعلى سبيل المثال في حال كانت المواد الفعالة للنباتات في الجذور يجب جمعها في فصل الخريف، أما إذا اقتُلعت في الربيع فستكون بلا فائدة. بينما الأزهار فبعضها يجب قطافها في بداية موسم الإزهار.

في حين أن الخزامى يجب قطافها عند بدء ذبولها، ففي هذه المرحلة تصبح المواد الفعالة بأعلى نسبة ممكنة.
وأشار “بلو” إلى أن عدم التقيد بهذه التفاصيل تقلل من جودة الأعشاب، والأخطاء في التجفيف والتخزين ربما تسبب الأذى أثناء تناولها.

وعلى سبيل المثال كثير من النباتات يجب تجفيفها في الظل ضمن مكان فيه تهوية ملائمة كي لا تتعفن، ودون تعريضها للشمس التي تؤدي حرارتها إلى تخريب المواد الفعالة فيها.
وقال بلو: “بعضهم يعلمون بهذه التفاصيل ولكن قد لا يتوفر لديهم المكان المناسب للتجفيف. فتتم العملية كيفما اتفق دون اتباع أي من الشروط الصحية، والذي يساعد أكثر على انعدام الرقابة عليهم من الناحية الصحية، لأنهم لا يَتبعون لأي جهة رسمية”.

🔹️التعاقد مع متخصصين
ولفت رئيس الجمعية العلمية للأعشاب الطبية شادي الخطيب إلى أن المشكلة أن العطارين ليس لديهم أي شهادة مرتبطة بمجالهم.

وربما من الصعوبة إخضاعهم إلى التأهيل لعدم حصول بعضهم على الشهادات الأكاديمية.
ولكن يمكن إخضاع أبناءهم الذين تابعوا دراستهم بمجال قريب إلى حد ما من العطارة لكي يكونوا قادرين على فهم المصطلحات العلمية خلال التدريب.

ويرى “الخطيب” أن الحل الأفضل كبديل عن التدريب، بأن يُفرَض على محلات العطارة التعاقد مع متخصصين ودورهم يكمن في التعريف بأصناف الأعشاب وبيعها بشكلها “الحر” دون إحداث أي تعديلات عليها أو بيعها كمستحضرات علاجية.
فوجود المتخصص الخبير بالأعشاب لضمان عدم بيع أعشاب مقابل أُخرى تلافياً لأي خطأ أو غش دون درايةٍ من العطار نظراً لعدم معرفته بالأصناف بدقة، والاكتفاء ببيع الأعشاب والبهارات والتوابل مع الأخذ بعين الاعتبار طريقة حفظها بشكل جيد والتأكد من انتفاء سميتها، بحسب الخطيب.

🔹️تأسيس معهد عالي
يقول “الخطيب” إنه من غير الممكن تنظيم هذه المهنة إذا لم يأتي جيل جديد متخصص.
فمنذ زمن بعيد كان الحلاق يأخذ دور طبيب الأسنان والعطار، ومع تقدم الزمن والتطور لم يعد له أي دور سوى في مجاله بالحلاقة.

وأيضاً طرح “الخطيب” مثالاً آخر حول محال النظارات الطبية فسابقاً كانت موجودة بناء على الخبرة ومن ثم تم إحداث معهد صحي قسم البصريات يخرّج مختصين بشؤون النظارات الطبية والعدسات.

ونُظّمت المهنة من خلال إلزام وجود مختص داخل المحل الذي يُعنى بالنظارات والعدسات الطبية ولديه الشهادة التي تخوّله للعمل بهذا المجال.
ومنذ ذلك الوقت أصبحت المحلات التي لا تملك رخصة تستقدم المختصين للحصول عليها، وتالياً لا يمكن تنظيم مهنة العطارة إلى بهذه الطريقة أيضاً.
وفي هذا الإطار اقترَح الأستاذ الجامعي في كلية العلوم الدكتور عبد العليم بلو، ضرورة تأسيس المعهد العالي للنباتات الطبية والعطرية والطب الشعبي.

والهدف منه نشر ثقافة التداوي بالأعشاب في المجتمع، والتعريف بالنباتات الطبية المستخدَمة بالطب الشعبي، وإجراء البحوث والدراسات على النباتات الطبية لضمان استمرارية الطب الشعبي وأمانه.

ووافقه في الرأي الدكتور شادي الخطيب، بضرورة إحداث مثل هذا المعهد الذي يضم المتخصصين في كليات العلوم، والصيدلة، والطب البشري والزراعة، لاستكمال دراستهم وتوسيع أبحاثهم بالنباتات الطبية لتأهيل الراغبين بالعمل في مجال الأعشاب الطبية.

طريقك الصحيح نحو الحقيقة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *