صحيفة رسمية تنتقد إجراءات الحكومة لمواجهة حرب أوكرانيا: أساليب التعاطي مجترة و متكرّرة
انتقدت صحيفة البعث إجراءات الحكومة لمواجهة حرب أوكرانيا، قائلة أنها لم تنج الاقتصاد من آثارها.
وقال الصحيفة في مقال لها:
ليس من باب التشكيك بما اتخذته الحكومة من قرارات أو إجراءات لمواجهة تداعيات الأزمة الأوكرانية، والتي لم ينجُ اقتصاد من آثارها، لكن من منطلق ضرورة التحليل لما اتخذته، وبالتالي مدى إمكانية الجدوى والفعالية منها لناحية النتائج الاقتصادية المالية والسوقية، حيث مؤشرات تلك النتائج لا تدلّ على أن الوضع مريح أبداً، وما هو تحت السيطرة حتى تاريخه، قد نجده متفلتاً إن طال أمد الأزمة.
وعليه فإن البحث في أسباب عدم حصاد النتائج الإيجابية المأمولة، والتي كان من المفترض أن يتوازى تحقيقها طرداً لا عكساً مع سرعة تطور الأحداث وانعكاساتها الاقتصادية والتضخمية، يغدو ملحاً جداً، ويجب أن يتصدى له مجلس حكماء تتمثل فيه جميع القطاعات المختلفة، مجلس يضم “أبناء سوق”، أي كفاءات عملية تاريخية بعلاقاتها مع الأسواق الإقليمية والدولية والمؤثرين فيها، كفاءات اكتسبت حنكة وقدرة على التعاطي في مسائل شائكة كالتي يرتبط فيها المحلي بالعالمي، ومن خارج المشهد الأكاديمي والتقليدي المعروف.
ولعلّ مردّ ضعف فعالية النتائج، يرجع لمقاربتنا المعالجات والحلول ومواجهة التحديات المتلاحقة، بشكل إجرائي (شكلي تقليدي) وليس بشكل بنيوي وهيكلي عميق، وهذا هو عيب حكوماتنا المتعاقبة وأذرعها المعنية، وهو على ما يبدو عيبُ مزمن وعضال، التخلّص منه لا بد أن يكون ليس بعمليات علاجية مسكنة ترقيعية أثبتت عدم جدواها، بل بعمليات جراحية شافية للاقتصاد والمالية والنقد.
هذا من جهة، أما من جهة أخرى، فالملاحظ غياب السياسات والخطط الاستراتيجية القادرة على توقع الاحتمالات المستقبلية الطارئة نسبياً، وكيفية قياس مؤشرات الأسواق العالمية وتوجهاتها في ظلّ المتغيّرات، وهذا مأخذ كبير وخطير، حيث معالجات وحلول ردَّات الفعل وما يرافقها من التجريب وعدم اليقين والاحتمالية في النتائج المُرادة، تطغى على معظم قراراتنا وإجراءاتنا وحلولنا!.
وفي هذا المضمار، لو سألنا عمّا يُسمّى بـ “العقود الآجلة”، سواء على صعيد مستوردات المواد الغذائية التي تندرج تحت “أمننا الغذائي” كالقمح، أو على صعيد متطلبات التشغيل والإنتاج كالنفط ومشتقاته، كم من تلك العقود تمّ إبرامها؟، لما وجدنا!.
استناداً إلى ما سلف، نسأل: هل ستكون وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك “عوناً لكل من يلبّي حاجات المواطنين وبأسعار منطقيّة”؟ وهل ستصادر “كل مادة يتمّ احتكارها لرفع سعرها”، و”ستبيعها في صالاتها بأسعار زهيدة؟”، أوليس هناك أي اسم فوق القانون؟ وهل سيقتاد كل محتكر إلى القضاء موجوداً”، لنجيب أننا نفترض أن الوزارة على علم مسبق بالمحتكرين ومستودعاتهم وأماكنها، وكيف يتحركون ويتلاعبون بالعرض والطلب في الأسواق، استناداً لما يجب أن يكون بين أيديها من معلومات كافية ووافية عن كل إجازات مستورداتهم ومعرفة كمياتها ووقت استيرادها ودخولها القطر، ومدى نشرها في الأسواق، وما عليها إلا أن تبني على الشيء مقتضاه؟!!
رغم كلّ ذلك سنبقى نراهن على تغيير أساليب التعاطي المجترة والمتكرّرة ذاتها، بأساليب وإجراءات استباقية تضع نصب حسابها ضرورة التحوط مما هو قادم ومتوقع، فإدارة مدخلات أزماتنا الداخلية يجب أن تتناسب مع مخرجات الأزمات الخارجية، وخاصة في ظل نهج ترشيد الاستيراد، الذي لا شك حدّ وسيحدُّ كثيراً من قدرتنا وديناميكية التفافنا على العقوبات في الوقت المناسب، وفي الآن معاً الاستفادة من الفرص التي تفرزها الأزمات.. هل نستثمر في ذلك؟.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة