خبر عاجل
رئيس نادي الساحل ل”غلوبال” : الدوري السوري لا يحسم في الملاعب استراتيجية وطنية للملكية الفكرية والصناعية… معاون وزير التجارة الداخلية  لـ«غلوبال»: 177 ألف علامة تجارية فارقة و 6 آلاف براءة اختراع في سورية فوج إطفاء حمص يعثر على جثة طفل… رئيس دائرة الجاهزية بصحة حمص لـ«غلوبال»: تبين أنه الطفل الذي غرق في قناة الري أمس بعد درجات حرارة قياسية… تحذير من فيضانات منتصف الأسبوع القادم.. متنبئ جوي لـ«غلوبال»: سنشهد فيضانات وسيولاً بكميات بعيدة عما شهدتها الإمارات   الكرامة يهزم الاتحاد أهلي حلب في أول مباريات سلسلة الفاينل 6 ديمقراطية القمع في الجامعات الأمريكية حماس لم تطلب العودة لكنها لم تنس أفضال دمشق بورصة الفروج “تنخفض” والفضل لدرجات الحرارة… أمين سر جمعية اللحامين بحلب لـ«غلوبال»: حالة مؤقتة والتخفيض المستقر يحتاج إلى دعم قطاع الدواجن منى واصف: كذبت سابقاً بتحصيلي العلمي لأني خجلت من نفسي من جديد…انهيار جزئي بمنزل قديم بعين كرش… مصدر بمحافظة دمشق لـ«غلوبال»: المنزل مغلق وغير مسكون
تاريخ اليوم
خبر عاجل | رأي و تحليل | نيوز

لماذا التباهي بتأمين أمننا الغذائي بالاستيراد؟

خاص غلوبال ـ علي عبود

وصلنا إلى مرحلة لم تخطر على بالنا قبل عام 2008 تاريخ تحولنا من بلد مصدر إلى مستورد للقمح، فقد بدأنا منذ سنوات نتابع تصريحات الجهات المسؤولة عن أمننا الغذائي تتباهى بوجود مخزون واحتياطي من المواد الأساسية التي تُدعم ببرامج استيراد منتظمة، والكل يدعونا إلى عدم القلق من نقص في القمح أو الدقيق لأن عمليات الاستيراد تتم وفق الخطط الموضوعة واعتماداتها المالية مرصدة في الموازنة العامة للدولة..الخ.

ويبدو أن ما من أحد يريد الاستشهاد بالأعوام التي كانت سورية مكتفية ذاتياً من السلع الأساسية حتى عام 2008 ، وكانت مصدّرة للقمح وليس للنفط فقط
وللتذكير، لمن يتناسى قصداً أو جهلاً، فقد بدأ رئيس الحكومة السابق المهندس محمد ناجي عطري مهامه في عام 2003 بالتباهي بوجود محزون من القمح لايقل عن 5 ملايين طن، باستثناء الإنتاح السنوي الذي كان لايقل أيضاً عن 4 ملايين طن، ولكن بعد 5 أعوام فقط وبفعل سياسات التحول إلى اقتصاد السوق الليبرالي والريعي، تحولت سورية سريعاً إلى مستورد للقمح ومواد عذائية أخرى.

ولم تحقق سورية الاكتفاء الذاتي من القمح في بدايات تسعينيات القرن الماضي، إلا بعد عقوبات اقتصادية جائرة، فرضتها أمريكا عليها في ثمانينيات القرن الماضي، وكاد حينها يكون مخزوننا من الدقيق صفراً مكعباً، فكان الرد باستراتيجية بعيدة المدى عنوانها “الأولوية للزراعة”.

وتمكنت سورية خلال زمن قياسي، وبفعل إنفاق مالايقل عن 12 مليار ليرة سنوياً (بما يعادل 240 مليون دولار حينها) على مشاريع الري والسدود واستصلاح الأراضي لزيادة المساحات المروية، أن ترفع إنتاجها السنوي من القمح إلى أكثر من 4 ملايين طن سنوياً، فتحولت بعدها من بلد مستورد إلى مصدر للقمح حتى عام 2008.

ولم يتدهور إنتاجنا من القمح والسلع الغذائية الأخرى الأساسية، إلا بعد تخلّي الحكومات المتعاقبة منذ عام 2003 عن نهج “الأولوية للزراعة” إلى نهج اقتصاد السوق اللاإجتماعي، أي الاعتماد على الاقتصاد الريعي بديلاً عن الاقتصاد الإنتاجي، تحولنا بعدها إلى بلد مستورد للسلع الغذائية الأساسية والاستهلاكية.

وبعد أن كانت الجهات الحكومية تتباهى بمخزونها الإستراتيجي من القمح الذي يكفيها لأكثر من عامين، بدأت تتباهى خلال العقد الأخير بوصول إمدادات القمح وفق برامج زمنية محددة، وتبشرّنا في كل مناسبة بأن مؤشرات تخزين الحبوب والدقيق لاتدعو إلى أيّ قلق، فهل هذا صحيح؟.
  
نعم، نحن غير قلقين من نقص في إمدادات الحبوب والأعلاف والأسمدة، أومن فقدانها، طالما تحقق المليارات لمستورديها، لكننا قلقون جداً من عدم إنتاجها محلياً، ومن التباهي بأننا نأكل مما نزرع لامما يزرعه الآخرون،وبدلاً من التباهي بنجاح الجهات الحكومية بوصول البواخر التي تنقل الحبوب والأسمدة، كان يجب التباهي بمنتجينا الذين يجب أن  تدعمهم الحكومة بالأفعال لا بالأقوال، وبالتالي التباهي بأننا ننتج مايفيض عن حاجتنا من السلع الأساسية بدعم مستلزمات الزراعة لا ببيعها بالأسعار الرائجة لمصلحة دعم المستوردين.

ومع أن الأصوات ترتفع وتحذر من انقراض تربية الدواجن كما كنا نعرفها، واقتصارها على قلة من أصحاب رؤوس الأموال الكبيرة، فإن اللجنة الاقتصادية اتخذت قرارها النهائي بدعم الزراعة بشقيها النباتي والحيواني، وهو: بيع مستلزمات الزراعة بالأسعار الرائجة.

لم يسأل أحد من الداعمين للمستوردين: كيف سيواجه المنتج الصغير للمحاصيل الإستراتيجية أو للحوم الحمراء والبيضاء الغلاء الكبير في مستلزمات الإنتاج الزراعي النباتي والحيواني.

ومن يتابع إصرار اللجنة الاقتصادية على بيع مستلزمات الزراعة بالأسعار الرائجة، وبرفع أسعار المحروقات الضرورية لري الأراضي الزراعية، وحصاد محاصيلها ونقلها، سيكتشف بسهولة أنها لم تطرح على نفسها السؤال: من أين للمنتجين الصغار وهم بالآلاف الأموال لشراء مستلزمات الزراعة، وأجور حصادها ونقلها ..الخ؟.

لقد تابعنا بقلق التقارير الصحفية التي تشير إلى عزوف آلاف المنتجين عن زراعة المحاصيل الإستراتيجية لغلاء أسعار مستلزماتها، والتحول إلى زراعات ثانوية تكلفتها أقل ومردودها أسرع، ومع أن نتائج المحاصيل الإستراتيجية سجلت أرقاماً هزيلة ومقلقة، فإنها لم تستأثر باهتمام الحكومة،بل نراها مستمرة برفع مستلزمات الزراعة، وكأنّها مصرّة على الحل الأسهل والأسرع أي الاستيراد، وهذا النهج يُسرّ قلة من المتنفذين التي بدأت تحتكر استيراد معظم احتياجاتنا العذائية.

الخلاصة: لاجدوى ولا مستقبل للتباهي بتأمين أمننا الغذائي عن طريق الاستيراد من جهة، وبرفع مستلزمات الإنتاج المحلي إلى مستويات لايقوى آلاف الفلاحين على تحملها من جهة أخرى، والحل الجذري يكون بالعودة إلى نهج مجرّب وفعال ونتائجه مضمونة 100% عنوانه العريض “الأولوية للزراعة”، ودعمها بالأفعال وليس بالأقوال والوعود الخلّبيّة.

طريقك الصحيح نحو الحقيقة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *